نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 234
وأدون من الجميع ما عن الذخيرة من : " أنّ مورد الرواية دم الأنف ، فالتعميم لا يخلو عن إشكال ، وأشكل منه إلحاقه في المبسوط كلّ ما لا يستبين " [1] ، ووجهه : أنّ المناط عند القائلين بانفعال القليل بالملاقاة واحد ، وهو مباشرة وصف النجاسة الّتي هي حاصلة في الجميع ، ولذا يدّعي إجماعهم المركّب على التعميم في أصل المسألة . والأولى في هدم الاستدلال بالرواية منع دلالة ما فيها من الجواب المفصّل بين الاستبانة وعدمها ، بل هي عند التحقيق تقضي بما ذهب إليه المشهور من إطلاق القول بالانفعال ، فإنّ " الاستبانة " لغةً وعرفاً ضدّ الخفاء ، يقال : " استبان الأمر " ، أي اتّضح وتبيّن وانكشف أي زال خفاؤه ، وكما أنّ الشئ قد يخفى على الحسّ فلا يرى أو لا يسمع ، فكذلك يخفى على الذهن فلا يدرك ، يقال : " خفي الحقّ عليّ " ، كما يقال : " خفي الهلال على بصري " . وقضيّة ذلك أن يكون التبيّن - على معنى زوال الخفاء - مقولا بالاشتراك على التبيّن في الحسّ والتبيّن في الذهن معاً ، ولذا لو حصل لك العلم بفسق أحد تقول : " قد خفي عليّ فسقه فتبيّن لي أنّه فاسق " ، ولا يصحّ أن تقول : " ما تبيّن لي فسقه " ، كما أنّه إذا رأيت الهلال تقول : " قد خفي على بصري الهلال فتبيّن " ، ولا يصحّ أن تقول : " لم يتبيّن " . وقضيّة ذلك أن يكون الحكم المعلّق على الاستبانة بهذا المعنى ، معلّقاً عليها بالمعنى الأعمّ الّذي هو القدر المشترك بين النوعين ، فيكون مفاد الرواية حينئذ إناطة حكم النجاسة المانعة عن الوضوء بزوال خفاء مباشرة الدم للماء ، الّذي يتحقّق تارةً عند البصر كما لو رأيناه فيه بعينه ، واُخرى عند الذهن كما لو علمنا بوقوعه فيه وإن خفي على أبصارنا بعد الوقوع ، فيكون المعنى - على نسخة النصب - : إن كان الّذي أصاب الإناء شيئاً يخفى عليك كونه في الماء فلا بأس ، وإن كان شيئاً لا يخفى عليك كونه في الماء فلا يتوضّأ منه ، ولا ريب أنّه إذا علمنا بوقوع قليل من الدم أو غيره ولو صغيراً بقدر رؤوس الإبر في الماء ، لصدق في حقّنا قضيّة القول بعدم خفاء كونه في الماء ، ولم يصدق لو قلنا : أنّه شئ خفي علينا كونه في الماء .