نام کتاب : ينابيع الأحكام في معرفة الحلال والحرام نویسنده : السيد علي الموسوي القزويني جلد : 1 صفحه : 202
يفضي إلى إنكار تنجّسه بالتغيّر أيضاً ، ودعوى : أنّ التغيّر ممّا لا يتأتّى إلاّ باستهلاك الماء في النجاسة ، يدفعها : البداهة القاضية بأنّ الاستهلاك موضوع آخر مغاير لموضوع التغيّر ، فهو حال التغيّر ماء ونجس فيحتاج إلى التطهير ، فحمل الرواية على المعنى المذكور إخراج لها إلى الكذب ، مع أنّه قد سبق منّا [1] في معنى الرواية محامل كثيرة ظاهرة لا معنى معها لتكلّف الحمل على المعنى المذكور ، ولو سلّم عدم ظهورها فلا يسلّم ظهور هذا المعنى أيضاً ، ومعه يكون الرواية سبيلها سبيل المجملات فيخرج به عن عداد ما يعتبر في الاستدلالات . وثانيها : أنّه لو كان معيار نجاسة الماء وطهارته نقصانه عن الكرّ وبلوغه إليه ، لما جاز إزالة الخبث بالقليل منه بوجه من الوجوه مع أنّه جائز بالاتّفاق ؛ وذلك لأنّ كلّ جزء من أجزاء الماء الوارد على المحلّ النجس إذا لاقاه كان متنجّساً بالملاقاة ، خارجاً عن الطهوريّة في أوّل آنات اللقاء ، وما لم يلاقه لم يعقل أن يكون مطهّراً ، والفرق بين وروده على النجاسة وورودها عليه - مع أنّه مخالف للنصوص - لا يجدي ؛ إذ الكلام في ذلك الجزء الملاقي ولزوم تنجّسه ، والقدر المستعلي لكونه دون مبلغ الكرّ لا يقوى على أن يعصمه بالاتّصال عن الانفعال ، فلو كانت الملاقاة مناط التنجيس لزم تنجّس القدر الملاقي لا محالة فلا يحصل التطهير . وأمّا ما تكلّفه بعضهم من ارتكاب القول بالانفعال هناك من بعد الانفصال عن محلّ النجاسة فمن أبعد التكلّفات ، ومن ذا الّذي يرتضي القول بنجاسة الملاقي للنجاسة بعد مفارقته عنها وطهارته - بل طهوريّته - حال ملاقاته لها برطوبة . وفيه : أنّ الأحكام التعبّديّة الثابتة في الشريعة من جهة الضرورة لا تدفع بالاستبعادات العقليّة ، ولا تقابل بالاستغرابات الذوقيّة خصوصاً مع ما اشتهر فيما بينهم من أنّ مبنى شرعنا على الجمع بين المختلفات والتفريق بين المتّفقات ، مع إمكان أن يقال : بمنع كون استناد الطهارة إلى نفس الماء وأنّه علّة تامّة له ، بل التطهّر حقيقة يحصل بإخراج أجزاء النجاسة عن المحلّ أو إخراج أثرها عنه ، ولا يتأتّى ذلك إلاّ بواسطة الماء ؛ حيث إنّه إذا صبّ على المحلّ ما يحيط منه عليه ويستولي على أجزاء النجاسة