فإن كان الشيخان قد حظيا وشرفا برابط من نور مع رسول الله وذلك بإعطاء كل منهما بنتا لرسول الله ، فعثمان قد ارتبط برسول الله من جهتين وتزوج بنتين ، وهو ذو النورين ؟ ! بعد هذا كيف يتحتم عليه أن يكون تابعا لنهج الشيخين ولا تكون له تلك الشخصية الاستقلالية ؟ ! وقد أكد عثمان على هذا الأمر وأشار إلى أنه أعز نفرا بل هو أقرب ناصرا وأكثر عددا من عمر ، لقربه من بني أمية ! فقال مخاطبا المعترضين : ألا فقد والله عبتم علي بما أقررتم لابن الخطاب بمثله ، ولكنه وطئكم برجله ، وضربكم بيده ، وقمعكم بلسانه ، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم ، ولنت لكم ، وأوطأت لكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم ، فاجترأتم علي ، أما والله لأنا أعز نفرا وأقرب ناصرا وأكثر عددا وأقمن إن قلت هلم أتي إلي ، ولقد أعددت لكم أقرانكم ، وأفضلت عليكم فضولا وكشرت لكم عن نابي وأخرجتم مني خلقا لم أكن أحسنه ، ومنطقا لم أنطق به [1] . نعم ، كانت هذه التساؤلات تراود الخليفة ، إذ يرى الناس قد أطاعوا عمر في كل شئ وتعبدوا بسيرة الشيخين وارتضوا بنهجهم ، فلم لا يقبلون بأفعاله وتوليته لولاته ولماذا يعتبرونها بدعا وإحداثات ، مع أنه قد وسع المسجد الحرام [2] والمسجد النبوي [3] واتخذ للأضياف منازل [4] وزاد في أعطية الناس [5] ورد على كل مملوك بالكوفة من فضول الأموال ثلاثة كل شهر ، يتسعون بها من غير أن
[1] تاريخ الطبري 4 : 339 . [2] تاريخ الطبري 4 : 267 . [3] تاريخ الطبري 4 : 273 . [4] تاريخ الطبري 4 : 274 . [5] تاريخ الطبري 4 : 245 .