أنا لست من أنصار الشق الثاني من السؤال ، بل أرى أن الطمع في كرسي الحكم هو وراء موقف طلحة ، وهذا ما كانت تتوقعه عائشة كذلك . أما بخصوص عبد الرحمن بن عوف ، فقد حاول عثمان استمالته بأن وعده بالحكم ، وقد أشار الإمام علي في كلام له مع ابن عوف إلى هذه الحقيقة ، هذا من جهة . ومن جهة أخرى . . فالمعروف عن ابن عوف أنه كان صاحب ثروة هائلة وأموال وفيرة بلغت : ألف بعير ، ومائة فرس ، وعشرة آلاف شاة ، وأرضا كانت تزرع على عشرين ناضحا ، وخرجت كل واحدة من الأربع بنصيبها من المال الذي تركه ، فكان أربعة وثمانين ألفا [1] . أما حال الزبير بن العوام وأمواله . . فقد قال عنه الدكتور طه حسين : والناس يختلفون في مقدار ما قسم على الورثة من تركة الزبير ، فالمقلون يقولون : إن الورثة اقتسموا فيما بينهم خمسة وثلاثين مليونا ، والمكثرون يقولون : إنهم اقتسموا اثنين وخمسين مليونا ، والمعتدلون يقولون : إنهم اقتسموا أربعين مليونا [2] . وعليه . . لا يمكن حمل انتقاد ابن عوف لعثمان على طمعه في الحكم والمال ، وإن كنا لا نستبعد طمع الشيخين طلحة والزبير في الحكم ! فالمال مبذول بما يرضي الكثير ، وعثمان هو أول من أقطع الأرضين ، فقد أقطع لعبد الله بن مسعود ، وسعد بن أبي وقاص ، وطلحة ، والزبير ، وخباب بن الأرت ، وخارجة ، وعدي بن حاتم ، وسعيد بن زيد ، وخالد بن عرفطة وغيرهم ، حتى نقل عن ابن سيرين قوله : لم تكن الدراهم في زمان أرخص منها من زمان
[1] مروج الذهب 2 : 333 . [2] الفتنة الكبرى 1 : 147 .