وجاء في حوادث سنة ( 26 ه ) بأن عثمان زاد في المسجد الحرام ووسعه واشترى الزيادة من قوم ، وأبى الآخرون . . فهدم عليهم ، ووضع الأثمان في بيت المال ، فصاحوا بعثمان ، فأمر بهم إلى الحبس [1] . ولم تقف سياسة العنف عنده بهذا الحد ، فقد سير في سنة ( 33 ه ) نفرا من أهل الكوفة إلى الشام ، وذلك لاعتراضهم على سياسة سعيد بن العاص في تفضيل قريش وجعله السواد بستانا لقريش [2] . وسير قبلها أبا ذر إلى الربذة ، ومنع ابن مسعود من القراءة ، وضرب عمار بن ياسر وداس في بطنه حتى أصابه الفتق [3] . وقيل : بأن عثمان - لما بلغه موت أبي ذر - قال : رحمه الله ! فقال عمار بن ياسر : نعم ، فرحمه الله من كل أنفسنا . فقال عثمان : يا عاض أير أبيه ، أتراني ندمت على تسييره ؟ ! وأمر ، فدفع في قفاه ، وقال : إلحق بمكانه ! فلما تهيأ للخروج ، جاءت بنو مخزوم إلى علي فسألوه أن يكلم عثمان فيه . فقال له علي : يا عثمان ! اتق الله فإنك سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك ، ثم أنت الآن تريد أن تنفي نظيره ؟ ! وجرى بينهما كلام . . . حتى قال عثمان : أنت أحق بالنفي منه ! فقال علي : رم ذلك إن شئت . . واجتمع المهاجرون ، فقالوا : إن كنت كلما كلمك رجل سيرته ونفيته ! فإن هذا شئ لا يسوغ . . فكف عن عمار [4] . نعم ، لولا مخالفة الإمام علي والمهاجرين لسياسته الضاغطة ، لما كف عن عمار بن ياسر ، لأنه قد اتخذ من تلك السياسة طريقا لفرض آرائه ، فإن كل تلك
[1] تاريخ الطبري 4 : 251 ، الكامل في التاريخ 3 : 87 ، المنتظم 4 : 360 . [2] تاريخ الطبري 4 : 318 ، الكامل في التاريخ 3 : 137 ، البداية والنهاية 7 : 173 . [3] أنساب الأشراف 5 : 48 - 49 ، شرح النهج لابن أبي الحديد 3 : 47 و 49 و 50 . [4] أنساب الأشراف 5 : 55 .