وأما عثمان صاحب ال [ 146 ] حديثا ، فيتصدر ب ( أكثر من عشرين رواية ) [1] في الوضوء البياني ! نعم . . يتصدر القائمة بتلك النسبة الهائلة ، مع قلة مروياته بالنسبة لكبار الصحابة وفقهائهم ، الذين خالفوه في اتجاهه ، وبذلك يرجح أن يكون عثمان هو المتبني والمروج لفكرة الوضوء الثلاثي الغسلي دون بقية الصحابة والفقهاء . ومما يزيد المرء حيرة ودهشة هو زيادة روايات عثمان في الوضوء البياني حتى على أبي هريرة صاحب الرقم الأعلى في المرويات [ 5374 ] [2] ، والمعروف بأنه لم يترك شاردة ولا واردة - صغيرة كانت أم كبيرة - إلا ورواها عن النبي الأكرم ( ص ) ، وزاد على ابن عمر ، صاحب ل [ 2630 ] رواية ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، صاحب ل [ 1540 ] رواية ، وعائشة ، صاحبة ل [ 1210 ] رواية ، وأنس ، صاحب ل [ 2286 ] رواية ، وأبي سعيد الخدري ، صاحب ل [ 1170 ] رواية ، وعبد الله بن مسعود ، صاحب ل [ 848 ] رواية ، وعمر بن الخطاب ، صاحب ل [ 527 ] رواية . . . الخ ! ولا نفهم من هذه الظاهرة إلا التأكيد لما قلناه ، المتلخص في : تأسيس عثمان لاتجاه وضوئي ما كان متعارفا عليه قبله ، وصار من بعد ذلك مدرسة وضوئية مستقلة تخالف ما كانت عليه سيرة المسلمين باتباعهم وضوء النبي ( ص ) . وقد حاول الإمام علي أثناء خلافته بكل ما يمكن بيان الوضوء الصحيح رواية ، وعملا ، وكتابة إلى عماله في الأمصار [3] ، لكنه - مع كل ذلك - لم يصل في رواياته الوضوئية لذلك العدد الذي اختص به عثمان دون غيره ! نرجع قليلا . . فنقول : لو أن ( الناس ) كانوا هم البادئين بالخلاف ، لاندفع
[1] سنفصل ذلك في الفصل الأول من هذه الدراسة . [2] سنذكر حديثه في مبلغ حلية المؤمن وكيفية وضوئه في الفصل الثاني من هذه الدراسة ( الوضوء في الكتاب واللغة ) . [3] بحثنا هذه الأمور في الصفحات 143 إلى 165 من هذا الكتاب .