روى حماد بن عثمان ، قال : كنت قاعدا عند أبي عبد الله ، فدعا بماء فملأ به كفه فعم به وجهه ، ثم ملأ كفه فعم به يده اليمنى ، ثم ملأ كفه فعم به يده اليسرى ، ثم مسح على رأسه ورجليه ، وقال : ( هذا وضوء من لم يحدث ) ، يعني التعدي في الوضوء [1] . وقال : ( من تعدى في وضوئه كان كناقضه ) [2] ، وهي إشارة إلى قوله تعالى ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه . وقد جاء عن الإمام علي بن موسى الرضا - كما في عيون الأخبار - أنه قال : ( الوضوء مرة فريضة ، واثنتان إسباغ ) [3] . وفي كتابه إلى المأمون العباسي : ( ثم إن الوضوء كما أمر الله في كتابه : غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة ) . وفي جملة الإمام ( كما أمر الله في كتابه ) إشارة إلى أن حقيقة الطلب تتحقق بالمرة ، فلا يجب التكرار فيها . وستعرف أن المفروض والمأمور به في الكتاب هو المرة لا أكثر ، وهو فعل رسول الله ، وقد تواتر عن الصحابة نقل ذلك عنه ( ص ) . هذا وقد علل الإمام علي بن موسى الرضا سبب مسح الرأس والرجلين وعدم غسلهما بما يلي : ( . . . وإنما أوجب الغسل على الوجه واليدين ، والمسح على الرأس والرجلين ، ولم يجعل غسلا كله ولا مسحا كله لعلل شتى : منها : إن العبادة العظمى إنما هي الركوع والسجود ، وإنما يكون الركوع والسجود بالوجه واليدين ، لا بالرأس والرجلين . ومنها : إن الخلق لا يطيقون في كل وقت غسل الرأس والرجلين ويشتد عليهم ذلك في البرد والسفر والمرض والليل والنهار . وغسل الوجه واليدين أخف من غسل الرأس والرجلين ، وإنما وضعت الفرائض على قدر أقل الناس
[1] الكافي 3 : 27 / 8 ، وعنه في وسائل الشيعة 1 : 437 أبواب الوضوء ب 31 ح 8 . [2] من لا يحضره الفقيه 1 : 25 / 79 . [3] عيون أخبار الرضا 2 : 125 / 2 .