الأصول النبوية والآراء الفقهية الصحيحة في القليل أو الكثير . ولما رأى الصادق دعم الحكومة لهؤلاء الفقهاء - تلويحا وتصريحا - أحس بالخطر وضرورة مواجهة الغزو الفكري والفورة الثقافية التي شنتها الحكومة العباسية على النهج العلوي ، فكان أن بدأ في مواجهة هذه الحملة مواجهة في غاية الجد ، وأخذ أصحابه في التوجه إلى الفقه وتعلم الأحكام وقد تخوف على شيعته من تأثرهم بالخطوط الفكرية العاملة آنذاك ، فأخذ يوضح لهم ما وصل إليه من كلام رسول الله ، ويعنعن إسناده إليه ( ص ) حتى لا تكون ذريعة بيد المغرضين للنيل منه . وبهذا تبين تلويحا سبب عدم مشاركة الإمام الصادق في الثورات العلوية ، إذ نراه يتبنى مسألة هي أهم بكثير مما عليه المقاتلون إذ أنهم يرابطون على الثغور العسكرية ، في حين كان الصادق يرابط على ثغور العقيدة والفكر . وأن توزيع الإمام الصادق البحوث العلمية والنشاطات المعرفية التي تحتاج إليها الساحة بين أصحابه لهو أمر ثابت في التاريخ . فقد أمر أبان بن تغلب أن يجلس في المسجد ويفتي الناس . وأوكل إلى حمران بن أعين الإجابة عن مسائل علوم القرآن . وعين زرارة للمناظرة في الفقه . ومؤمن الطاق للمساجلة في الكلام . والطيار للمناظرة في الإمامة وغيرها . وهشام بن الحكم للمناظرة في الإمامة والعقائد . وبطون الكتب حافلة بمحاورات هؤلاء الأصحاب ومناظراتهم ، وقد أشارت كتب الفهارس إلى أسماء ما ألفوه في كل الميادين ، حتى أحصي ما دونوه في عصره فكانت أربعمائة مؤلف لأربعمائة مؤلف في الحديث فقط ، وهي التي عرفت بالأصول الأربعمائة التي عليها مدار الفقه الشيعي . بعد هذا لا نشك أن تكون السلطة وراء طرح بعض الآراء الفقهية التي لا يقبلها الطالبيون ، إذ أن في طرح تلك الرؤى تأصيلا لنهج وفقه الحكومة وتعرفا على مخالفيها ، وإن الأحكام الفقهية خير ميدان للتعرف على الرافضة ومن لا يقبل