إسم الكتاب : وضوء النبي ( ص ) ( عدد الصفحات : 472)
وغيرهم من الطالبيين في عدة قضايا وأراد أن يقف على رأيهم من الأموال والسياسة ، فانخدع عبد الله بن الحسن وابناه وغيرهم بطرق التمويه العباسية ، أما الصادق فكان الوحيد من البيت العلوي الذي لا تخدعه الأساليب [1] . ومما نقله المؤرخون أن المنصور كان يسعى في استمالة الصادق وجذب عطفه للنظام ، وكان يقول له : لم لا تغشانا كالناس ؟ فأجابه الصادق : ليس لنا ما نخافك من أجله ، ولا عندك من أمر الآخرة ما نرجوك له ، ولا أنت في نعمة فنهنيك فيها ولا تراها نقمة حتى نعزيك عليها . ويقول له في نص آخر : تصحبنا لتنصحنا ؟ فقال له الصادق : من أراد الدنيا لا ينصحك ، ومن أراد الآخرة لا يصحبك . هذه الأساليب كانت لا تجدي نفعا ولا تثمر إذ أن الصادق كان يرى المنصور يتلاعب بالأحكام وإنه قد جعل الشريعة جسرا يعبر عليه إلى مقاصده كالأمويين . . فكيف به يتعاون مع شخص كهذا . ولما اتضح للمنصور أنه لا يمكنه التوافق مع الإمام واحتواء العلويين فكريا وسياسيا وخصوصا بعد مقتل النفس الزكية . . بدأ يغير سياسته متخذا التضليل والعنف أصولا في سياسته . فقد نقل المفيد والكنجي وابن الجوزي وغيرهم أن المنصور حج في سنة 147 ودخل المدينة وأمر الربيع بإحضار الإمام الصادق فتغافل الربيع ، ثم أعاد ذكره وقال : أرسل إليه من يأتيني به ؟ فلما بصر به المنصور قال له : قتلني الله إن لم أقتلك ، أتلحد في سلطاني وتبغيني الغوائل ؟ فقال الصادق : والله ما فعلت ولا أردت ، فإن كان بلغك فمن كاذب . ولو كنت فعلت لقد ظلم يوسف فغفر ، وابتلى أيوب فصبر ، وأعطي سليمان فشكر ، فهؤلاء أنبياء وإليهم يرجع نسبك . فقال له المنصور : أجل . . ارتفع هاهنا ، فارتفع ، فقال له : إن فلان بن فلان أخبرني
[1] انظر : مناقب آل أبي طالب ، لابن شهرآشوب 4 : 220 .