يحتج به ) [1] . فإن كلامهما يفنده كلام أبي حنيفة ، ويفنده الواقع الفقهي للمسلمين ، ويدلك على أنه ليس من الحقيقة بشئ وإنما هو محض تعصب وتجن على فقه المسلمين . وبذلك تبين لنا أن فقه الصادق ليس بأجنبي عن فقه الصحابة ، فقد ترى شيئا منه تارة عند أنس وشيئا آخر عند عائشة وغيره عند حذيفة وهذا . . . وبهذه يمكننا القول عن فقه الصادق إنه فقه رسول الله ( ص ) إذ نراه تارة عند الإمام أبي حنيفة وأخرى عند مالك وثالثة عند آخر . أما إذا رأيته يشذ عن آراء الجميع ويقول بشئ آخر فيلزم التحقيق في أطرافه ، لنتبين إن كان هناك رواسب حكومية ونزعات إقليمية وظروف اجتماعية وسواها ؟ ! ! هذا وقد علق الأستاذ أبو زهرة بعد نقله قصة الإمام أبي حنيفة مع الصادق فقال : وقد صدق أبو حنيفة فيما قال ، لأن العلم باختلاف الفقهاء وأدلة آرائهم ، ومناهج استنباطهم يؤدي إلى الوصول إلى أحكم الآراء ، سواء أكان من بينها أم من غيرها ، فيخرج من بعد ذلك بالميزان الصحيح الذي يوزن به الآراء ، ويخرج بفقه ليس بفقه العراق وليس بفقه المدينة وهو لون آخر غيرهما ، وإن كانت كلها في ظل كتاب الله تعالى وسنة رسوله [2] . هذا وقد عرفت أن العباسيين لم ينجحوا في تطبيق مخططهم في الإزراء بالصادق والغلبة عليه علميا كما كانوا يهدفون وقد أنبأك الإمام أبو حنيفة عن ذلك ، بل إن هذه المناقشات قد عززت منزلة الصادق علميا واجتماعيا ، فأخذ الأقبال عليه يزداد يوما بعد يوم ، وإن قبائل بني أسد ومخارق وطي وسليم
[1] انظر كتاب الإمام الصادق لأسد حيدر 1 : 440 عن الطبقات . [2] تاريخ المذاهب الإسلامية : ص 693 .