له من المسائل الشداد . فهيأت له أربعين مسألة ، والتقينا بالحيرة . ثم قال : أتيته ، فدخلت عليه وجعفر بن محمد عن يمينه ، فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر بن محمد ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور ، فسلمت عليه ، وأومأ ، فجلست ، ثم التفت إليه وقال : يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة ! فقال : نعم ، ثم التفت إلي فقال : يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك . فجعلت ألقي عليه فيجيبني ، فيقول : أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربما تابعنا ، وربما تابعهم ، وربما خالفنا جميعا ، حتى أتيت على الأربعين مسألة ، وما أخل منها بمسألة . ثم قال أبو حنيفة : إن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس [1] . والنص السابق يوقفنا على عدة أمور : 1 - استغلال المنصور الإمام أبا حنيفة رغم كونه من المخالفين للحكام ومن الذين لم يقبلوا مهنة القضاء في العهدين الأموي والعباسي ، أما حينما دخل الاقتراح تحت إطار النقاش العلمي بين الأئمة وبيان الاقتدار الفقهي ، فإن أبا حنيفة ساهم في المناظرة ، مع علمه بأن الصادق من فقهاء أهل البيت ومن أولاد علي ، ومن الذين يكن لهم الاحترام ويعترف بفضلهم وعلمهم . وإن قوله ( دخلني من الهيبة لجعفر بن محمد ما لم يدخلني لأبي جعفر المنصور ) ليؤكد على هذه الحقيقة وتدل على أن إعداد أربعين مسألة إنما جاء بطلب حكومي وتحت غطاء نشر العلم وبث المعارف . 2 - إن اللقاء كان معدا له من قبل المنصور ، لقول أبي حنيفة ( قال لي أبو جعفر المنصور : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من المسائل الشداد ) ، وقول المنصور لأبي حنيفة ( ألق على أبي عبد الله مسائلك ، فجعلت ألقي عليه فيجيبني ) . . يفهم منه أنه المبادرة في السؤال كانت بيد أبي حنيفة وأن الإمام الصادق لم يسبق بما سيطرحه أبو حنيفة من مسائل لكي
[1] انظر : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة 1 : 53 ، عن مناقب أبي حنيفة للموفق 1 : 73 ، جامع أسانيد أبي حنيفة 1 : 222 . وانظر تذكرة الحفاظ 1 : 166 - 167 .