عندهم تعييني لا تخييري ، فغالب أتباع المذاهب الأربعة يقولون بلزوم الغسل في الأرجل لا غير ، أما الشيعة الإمامية فإنهم لا يقولون إلا بالمسح وحده ، وإن كلا منهما ينسب قوله - مضافا إلى دعوى استظهاره من الكتاب - إلى فعل رسول الله ( ص ) ، وهو ما جاء في صحاح مروياتهم . أما القائلون بالجمع [1] أو التخيير [2] ، فإنهم إنما يقولون بذلك لا على أساس أن النبي ( ص ) جمع أو خير ، بل إن القائل بالجمع إنما يقول به لكونه مطابقا للاحتياط ، وأنه طريق النجاة ، إذ الثابت عنده أن الكتاب ورد بالمسح ، وأن السنة وردت بالغسل ، فأوجبوا العمل بهما معا رعاية للاحتياط ، لا على أساس أن النبي ( ص ) جمع بينهما ، وأن ذلك هو المروي عنه ( ص ) . وكذا الحال بالنسبة للقائل بالتخيير ، فإنه إنما ذهب إلى ذلك لتكافؤ الخبر عنده في الفعلين ( المسح والغسل ) ، فالمكلف لو أتى بأيهما كان معذورا ، إذ لم يرجح عنده أحد الفعلين حتى يلزمه الأخذ به ، وعليه فدعوى التخيير مجرد رأي جماعة قليلة من فقهائنا السابقين ، فلا يمكن به نقض الإجماع المركب بين المسلمين على أن الوضوء إما مسحي أو غسلي ، بل هناك أدلة ستقف عليها لاحقا ترجح أحد الطرفين وبها يثبت أن لا معنى للتخيير !
[1] كالناصر للحق من أئمة الزيدية ، وداود بن علي الظاهري وغيرهما . [2] كالحسن البصري ، وأبي علي الجبائي ، وابن جرير الطبري وغيرهم .