ينزلون إذا نزل ، ويرتحلون إذا ارتحل ، ويكونون معه ناحية ، فيوهمون من رآهم إنهم لا يعرفونه ، وهم أعوانه ! مع كل واحد منهم منشور بياض يؤمن به إن عرض له . قال : أو تعرف يحيى ؟ قال : قديما ، وذلك الذي حقق معرفتي بالأمس له . قال : فصفه لي . قال : مربوع ، أسمر ، حلو السمرة ، أجلح ، حسن العينين ، عظيم البطن . قال : هو ذاك ، فما سمعته يقول ؟ قال : ما سمعته يقول شيئا ، غير أني رأيته ورأيت غلاما له أعرفه ، لما حضر وقت صلاته ، أتاه بثوب غسيل ، فألقاه في عنقه ، ونزع جبته الصوف ليغسلها ، فلما كان بعد الزوال ، صلى صلاة ظننتها العصر ، أطال في الأولتين ، وحذف الأخيرتين . فقال له الرشيد : لله أبوك ! لجاد ما حفظت ؟ . . تلك صلاة العصر ، وذلك وقتها عند القوم ، أحسن الله جزاءك ، وشكر سعيك ، فما أنت ؟ وما أصلك ؟ فقال : أنا رجل من أبناء هذه الدولة ، وأصلي مرو ، ومنزلي بمدينة دار السلام ، فأطرق مليا ، ثم قال . . . [1] - الخبر - . يفهم هذا النص أن الخلاف الفقهي بين الخليفة وبني الحسن كان هو المعيار الشاخص في معرفتهم للطالبيين ، وخصوصا في الظروف السياسية والوقائع الاجتماعية ، وإنك ستتعرف لدى حديثنا عن العهد العباسي كيفية استخدام الحكام المذهب كوسيلة لعزل أبناء علي بن أبي طالب عن المسلمين ، بل اعتبارهم مارقين وخارجين عن الإسلام ! في حين أن الأصول لتؤكد على أنهم لا يقولون بشئ إلا وكانوا قد توارثوه كابر عن كابر ، وأن أغلب حديثهم هو عن رسول الله ( ص ) . إن إشاعة الخلاف المذهبي بين أوساط الأمة ، إنما حركته النوازع والغايات السياسية ، وما جاء إلا لعزل الشيعة عن غيرهم ، فقول الرشيد للرجل : ( لله أبوك !