خرج علينا وكثر ؟ قلت : أصلح الله الأمير ، أحزن بنا المنزل . . . ثم سأله الحجاج عن الفريضة في الأخت ، وأم الجد ؟ فأجابه الشعبي باختلاف خمسة من أصحاب الرسول فيها : عثمان ، زيد ، ابن مسعود ، علي ، ابن عباس . . ثم بدأ بشرح كلام ابن عباس . فقال له الحجاج : فما قال فيها أمير المؤمنين - يعني عثمان - ؟ فذكرها له . فقال الحجاج : مر القاضي فليمضها على ما أمضاها عليه أمير المؤمنين عثمان [1] . هذه هي سياسة الحكومة ، معلنة صريحة ، فالذي يجب أن يتبعه القاضي ويفتي به في المنازعات ، هو رأي عثمان لا غير ! ! وقول الحجاج ( وأنت يا شعبي فيمن خرج علينا وكثر ) إشارة إلى أنه خرج على طاعة السلطان وأخذ يفتي الناس ناقلا آراء الآخرين بجنب رأي عثمان ، وقد عرفت عنه أنه كان لا يحبذ الأخذ بالرأي ، بل يؤكد على لزوم اتباع المأثور ، وإن كان يقول بها تحت ظروف خاصة ، وستقف في الفصل الثاني على سياسة الحكام أكثر مما قلناه ، وأنهم كانوا لا يحبذون نقل حديث رسول الله ، بل يفضلون نقل اجتهادات الشيخين لقول عثمان عن السنة ( إلا ما عمل في زمن الشيخين ) ولثبات سياسة الحكام بتقوية مكانة الصحابة واعتبارهم عدولا يجب الأخذ بقولهم ، وأن نقل الحديث المخالف لاجتهادات الصحابة كان مما يغضب السلطان ! وأن كلام يزيد بن مسلم ، لما لقيه عند باب القصر ( لله يا شعبي لما بين دفتيك من العلم ) ، وقول الشعبي : ( إنما هلكتم بأنكم تركتم الآثار ، وأخذتم بالمقاييس ) [2]