بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول الله أن يصلوا فيها كما وصلوا ما بين الظهر والعصر [1] . فعروة بن الزبير حين فر من درة عمر ثم عاهده أن لا يعود إليها لا يعني إن جميع الصحابة كانوا يخضعون لاجتهادات الخليفة ، وقد شاهدت موقف تميم الداري وعدم تراجعه عن سنة رسول الله ، وتحمله للضرب وهو في الصلاة ، وهكذا الحال بالنسبة إلى زيد بن خالد الجهني ، فإن عمر قد رآه في خلافته يركع بعد العصر ركعتين فمشى إليه فضربه بالدرة وهو يصلي كما هو ، فلما انصرف قال زيد : اضرب يا أمير المؤمنين ، فوالله لا أدعهما أبدا بعد أن رأيت رسول الله يصليهما . فجلس إليه عمر وقال : يا زيد بن خالد لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سلما إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما [2] . وجاء عن السائب بن يزيد إنه رأى عمر بن الخطاب يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر . وعن الأسود : إن عمر كان يضرب على الركعتين بعد العصر ، ومما يؤيد موقف زيد بن خالد والمنكدر وعروة بن الزبير ، ما قالته عائشة ورواه أنس بن مالك وأبو أيوب الأنصاري . فقد جاء عن عائشة أنها قالت : ( ما ترك النبي السجدتين بعد العصر عندي قط ) [3] . أو قولها : ( لم يكن رسول الله يدعهما سرا ولا علانية ) [4] . أو قولها : ( ما كان النبي يأتيني في يوم بعد العصر إلا صلى ركعتين ) [5] .
[1] مجمع الزوائد 2 : 222 - 223 . [2] مجمع الزوائد 2 : 223 ، وكذا رواه أحمد في مسنده والطبراني في الكبير . [3] صحيح البخاري 1 : 153 ، صحيح مسلم 1 : 572 / 299 ، النسائي 1 : 281 . [4] صحيح مسلم 1 : 572 / 300 ، صحيح البخاري 1 : 153 ، النسائي 1 : 281 . [5] صحيح البخاري 1 : 154 ، صحيح مسلم 1 : 572 / 301 .