كان عند الزهري حديثان ، عن عروة ، عن عائشة في علي - أي في النيل منه - . . فسألته عنهما يوما ، فقال : ما تصنع بهما وبحديثهما ، والله أعلم بهما ، إني لأتهمهما { أي عروة وعائشة } في بني هاشم ، أي في عداء بني هاشم [1] . فما هذا التناقض بين طلب السلطان من الزهري ، وحديثه لمعمر ؟ وعلام يشير ؟ ! وذكر الأستاذ أحمد أمين : أن خالد بن عبد الله القسري كان قد طلب من ابن شهاب الزهري أن يكتب سيرة النبي ، فقال له الزهري يوما : إنه يمر بي الشئ من سيرة علي بن أبي طالب ومواقفه في خدمة الإسلام . . فما أصنع ؟ فلم يأذن له بتدوين شئ يتعلق بعلي ، إلا إذا تضمن قدحا أو ذما . والمرجح عندنا إن سبب اضطراب أحاديث عائشة في معاوية وبني مروان والأمويين وما نقل عن الزهري وغيره إنما يرجع إلى الظروف السياسية الحاكمة آنذاك . وإن اختلاف نظر السيدة يرجع إلى اختلاف رؤيتها إليهم ، فهي كانت تتعاون معهم في أوائل عهد معاوية وذلك لغليان ضغينتها على علي وقرب عهدها بالجمل . أما بعد مقتل حجر بن عدي فقد بدأت سياستها تتغير شيئا فشيئا ، ويحتمل أن تكون أحاديثها في النيل من مروان ومعاوية جاءت في الفترة المتأخرة من حياتها وذلك لاتضاح آفاق السياسة الأموية ووقوف عائشة على الحقائق ! فقد نقل المؤرخون عتابها لمعاوية لما أتاها إلى المدينة زائرا لبيت الله .