وقولها عنه ( ص ) : من أراد أن ينظر إلى رجلين من أهل النار ، فلينظر إلى هذين ، فنظرت عائشة . . فإذا بعلي والعباس قد أقبلا [1] ! فهل يصح نقل هذه الأخبار عنه ( ص ) ؟ أولم تناقض هذه الأخبار مع المتواتر المشهور في فضل علي بن أبي طالب ؟ وهل من اللائق أن يقال لعلي - وهو أول من أسلم ، وحارب المشركين ، وبات على فراش النبي ، وبقي حتى آخر لحظة معه حتى واراه التراب ، ودافع عن سنته - إنه من أهل النار ؟ ! وهل هذا هو جزاء من جاهد في سبيل الله ، وثبت على خط السنة النبوية المباركة ، ودافع عن الرسالة . . ؟ ! لماذا لا يكون من أهل النار في رواية عائشة : معاوية ، ومروان ، وعبد الله بن أبي سرح ، والوليد بن عقبة ، وغيرهم من الذين ورد اللعن فيهم ؟ ! ولماذا نراها لا تصرح باسم علي ، وتقول : مشى بين رجلين [2] ؟ ! فهل قولها ذلك جاء من جراء حقدها وعدائها لعلي وأهل بيته ! كما صرح به الإمام علي أم غير ذلك ، فقال الإمام : ( وأما فلانة ، فأدركها رأي النساء ، وضغن غلا في صدرها كمرجل ألقين ، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إلي لم تفعل ) [3] . وأشار إلى هذه الحقيقة الشيخ محمود أبو رية - وغيره من الكتاب - ، بقوله : من العجب أن عائشة لم تغير موقفها في تأييد معاوية ، وقد قضى على أخوين لها : عبد الرحمن هذا ، وقبله محمد بن أبي بكر ، وكان ولاه الإمام على مصر فقتلوه ، ومثلوا به أبشع تمثيل ، فألقوه بعد قتله في جيفة حمار ، وألقوا به في العراء .
[1] شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 4 : 64 . [2] انظر : صحيح البخاري 1 : 61 ، وكذا تاريخ الطبري . [3] شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد 9 : 189 ، وهو في كلام له خاطب به أهل البصرة على جهة اقتصاص الملاحم .