صلى الظهر ، ثم قعد لحوائج الناس . . فلما حضرت العصر ، أتي بتور من ماء ، فأخذ منه كفا ، فمسح وجهه وذراعيه ورأسه ورجليه ، ثم أخذ فضله فشرب قائما وقال : إن أناسا يكرهون هذا وقد رأيت رسول الله ( ص ) يفعله ، وهذا وضوء من لم يحدث [1] . وأخرج أحمد كذلك ، بسنده عن ربعي بن حراش : إن علي بن أبي طالب قام خطيبا في الرحبة . . فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال ما شاء الله أن يقول . . ثم دعا بكوز من ماء ، فتمضمض منه ، وتمسح ، وشرب فضل كوزه وهو قائم ، ثم قال : بلغني إن الرجل منكم يكره أن يشرب وهو قائم . . وهذا وضوء من لم يحدث ، ورأيت رسول الله ( ص ) فعل هكذا [2] . وعليه . . فقد اطلعت على بعض مواقف الإمام علي تجاه ابتداعات المحدثين ، وكيفية مواجهته للذين أدخلوا في الدين ما ليس منه وعنايته بكلامه وإن ذلك هو وضوء من لم يحدث . أما الخليفة عثمان فكان يريد إعطاء الوضوء الثلاثي الغسلي قدسية أكثر ، فتراه لا يتكلم ، ولا يشرب فضل وضوئه قائما ، ويؤكد على أنها هي التي توجب غفران الذنوب . . . بقي شئ ينبغي إيضاحه . . فكلمة ( يحدث ) تعني : إتيان أمر منكر لم يكن معروفا . . . فقد جاء في المقاييس : حدث : هو كون الشئ لم يكن ، يقال : حدث أمر بعد أن لم يكن [3] . وفي الصحاح : الحدوث : كون الشئ لم يكن ، واستحدثت خبرا ، أي :
[1] مسند أحمد 1 : 153 ، سنن البيهقي 1 : 75 . [2] مسند أحمد 1 : 102 . [3] معجم مقاييس اللغة 2 : 36 .