إسم الكتاب : وضوء النبي ( ص ) ( عدد الصفحات : 472)
الوضوء من استعمال الماء الساخن ، وهذا مما لم يقل به أحد ، والمعهود في الشريعة أن الوضوء ينتقض بالخارج النجس لا بالداخل الحلال الطاهر ، وكيف يجعل الرسول ( ص ) الطعام الحلال الطاهر ناقضا للوضوء ؟ ! ! هذا ، وقد احتمل البعض أن يكون مس الفرج من نواقض الوضوء ، ومنهم ذلك الأعرابي الذي سأل رسول الله عنها فأجاب ( ص ) : ( وهل هي إلا مضغة منه أو بضعة منه ) ؟ ! ! هذه بعض النصوص ذكرناها للوقوف على نهج السلف في تعاملهم مع الأحكام والروايات الصادرة عن الصحابة ، وأنهم كانوا يطرحون البعض منها لمخالفتها للأصول الثابتة في الشريعة ومنافاتها للعقل والفطرة ، وكفى بها شاهدا على أصالة هذا النهج عند الأقدمين . لكننا نتساءل : إنه هل يمكننا تعميم هذا للكتاب المعاصرين والعمل على ضوئه ، أم أنه كان رخصة للصحابة فقط ، فلا يحق لنا خوض هذا الميدان ؟ ! قال الأستاذ أحمد أمين - في معرض حديثه عن منهج علماء الحديث - : ( . . . وقد وضع العلماء للجرح والتعديل قواعد ، ليس هنا محل ذكرها ، ولكنهم والحق يقال عنوا بنقد الإسناد أكثر مما عنوا بنقد المتن ، فقل أن تظفر منهم بنقد من ناحية أن ما نسب إلى النبي ( ص ) لا يتفق والظروف التي قيلت فيه ، أو أن الحوادث التاريخية الثابتة تناقضه ، أو أن عبارة الحديث نوع من التعبير الفلسفي يخالف المألوف في تعبير النبي ، أو أن الحديث أشبه في شروطه وقيوده بمتون الفقه ، وهكذا . ولم نظفر منهم في هذا الباب بعشر معشار ما عنوا به من جرح الرجال وتعديلهم ، حتى نرى البخاري نفسه ، على جليل قدره ودقيق بحثه ، يثبت أحاديث دلت الحوادث الزمنية ، والمشاهد التجريبية على أنها غير صحيحة لاقتصاره على نقد الرجال ) [1] . وقد لخص الدكتور صلاح الدين الأدلبي كلام الدكتور أحمد أمين في ضحى الإسلام بقوله :