الوضوء الثنائي المسحي في العصر العباسي بعد أن تكونت لدينا صورة عن المذاهب الأربعة ، ووقفنا على أهداف الحكام من احتواء الفقهاء ، وبينا جذور الوضوء الثلاثي وكيفية تأثر المذاهب الأربعة به في العهد العباسي . . لا بد من ملاحظة السير التاريخي لمسألة الوضوء وكيفيته عند نهج ( التعبد المحض ) في هذا العصر ، والمتمثل بأهل البيت ( ع ) . وإذا أخذنا بعين الاعتبار معاصرة كل من الإمام أبي حنيفة ومالك للدولة الأموية وتتلمذهم فيها ، فإن الإمام الشافعي وأحمد كانا صورتين مكررتين لفقه مالك وأبي حنيفة في العهد العباسي ، وإن كان لكل منهما أصول يختص بها . إنه لا بد هنا من معرفة رأي أئمة أهل البيت وكيفية امتداد وضوئهم في العصر العباسي . نبدأ بذكر وضوء محمد بن علي بن الحسين ( الباقر ) والذي صدر في العهد الأموي ، ثم نردفه بوضوء الأئمة من ولده مبينين سر تأكيدهم على بيان بعض الجزئيات في الوضوء ، علما أن الباقر - كما قلنا سابقا - كان لا يتقي في الوضوء ، إذ أن الوضوء الذي يصفه لا يمكن الخدش فيه ، فتراه يؤكد على المرة والمرتين ، وهو ثابت في الأحاديث النبوية المتواتر صدورها في الصحاح والمسانيد عنه ( ص ) ، وأن رسول الله ( ص ) قد توضأهما . أما تأكيد عثمان على الغسل الثالث فمختلف فيه ، وعليه فإن ما طرحه الباقر متفق عليه بين المسلمين ولا اختلاف فيه . والآن لنسرد بعض الروايات المروية عنه : 1 - قال عن زرارة : قال أبو جعفر ( أي الباقر ) : ( ألا أحكي لكم وضوء رسول الله ( ص ) ؟ ) قلنا : بلى ، فدعا بقعب فيه شئ من ماء ، فوضعه بين يديه ، ثم حسر عن ذراعيه ، ثم غمس فيه كفه اليمنى ، ثم قال : ( هكذا ، إذا كانت الكف طاهرة ) ،