يرويان عن أشخاص ضعاف أو عرفوا بالكذب ، واعتبرت تلك الروايات بمنزلة الصحاح ، وإن المؤاخذات على البخاري لم تنحصر بهذا فقط . وعلى هذا يحتمل أن يكون عدم تحديث البخاري ومسلم ، وغيرها من الطعون المذكورة فيه ، إنما جاءت لقوله : إن علي بن أبي طالب هو الإمام الحق في عصره ، وأن معاوية وأصحابه كانوا الفئة الباغية . وقد اتخذ الشافعي في كتاب السير من فقهه سنة علي ( ع ) في معاملة البغاة ، وإظهاره حب آل محمد رغم وقوف الحكام في طريق ذلك ، وقد اشتهر عنه قوله : إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان إني رافضي فهذه المواقف كانت لا ترضي الحكام ، وهي التي أوجدت نسبة تلك الطعون وأمثالها فيه . مذهب الإمام أحمد بن حنبل ولد الإمام أحمد بن حنبل في عهد المهدي سنة 164 ه ، ونشأ ببغداد وتربى بها ، واتجه إلى طلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة ، ورحل إلى الأقطار ، وكتب عن الشيوخ ، وأخذ عن الشافعي واتصل به اتصالا وثيقا ، ولازمه مدة إقامته في بغداد . وكان أول تلقيه العلم على القاضي أبي يوسف المتوفى سنة 182 ، وصرح أحمد بأنه كان أول من كتب عنه الحديث ، إلا أنه لم يبق طويلا معه ، وانصرف إلى فقه الأثر الذي كان يمثله هشيم بن بشير الواسطي ، ولازمه إلى أن توفي هشيم سنة 183 . وقد أخذ عن كثير من المحدثين ، وأخذ على نفسه أن يلتزم مدرسة الأثر ويخالف مدرسة الرأي والقياس ، فقرأ على محدث البصرة عبد الرحمن بن مهدي الموطأ لمالك أربع مرات ، وكان معجبا بالشافعي ، وتصدر للتحديث في مسجد الخيف سنة 198 ، وقيل : إنه ما أفتى ولا درس حتى بلغ سن الأربعين في سنة 204 ه ! ! وقد أيد العباسيين منذ صباه ، فروى فيهم حديثين انفرد بهما ، يبشر فيهما