الكتب [1] . فهذا حال التدوين عند أصحاب أبي حنيفة والمسائل التي سار عليها طائفة كبيرة من المسلمين . وبذلك اتضح لك دور السلطة في انتشار مذهب أو التعتيم على آخر ، وأن مهنة القضاء وتوجه الحكام إلى البعض من العلماء كان له الدور الأكبر في تعرف الناس على ذلك المذهب أو الفقيه . وقد عرفت بأن ازدياد عدد أتباع هذا المذهب أو ذاك يرجع إلى العوامل الجانبية والسياسية لا المقومات الأساسية وقوة دليل المذهب ، بل لمسايرته الساسة جنبا إلى جنب . ولأجل تولي مهنة القضاء والتقرب إلى السلطان وغيره ترى الكثير من العلماء يتحولون من مذهب إلى آخر طلبا لرفد السلطان . فهذا الأمير يلبغا بن عبد الله الخاصكي الناصري كان يتعصب لمذهب أبي حنيفة ، ويعطي لمن تحول إليه العطاء الجزيل [2] . وقيل عن أبي البركات الحنفي : إنه تحول إلى المذهب الحنبلي [3] . وأبو بكر البغدادي : إنه تحول إلى الشافعي وولي القضاء . وكان أبو المظفر يوسف بن فرغلي سبط ابن الجوزي حنبليا ، نقله الملك المعظم إلى مذهب أبي حنيفة [4] ، وغيرهم . إذن ، فمهنة القضاء كانت من المناصب التي يمكن اعتبارها إحدى أسباب التحول من مذهب إلى آخر . مذهب الإمام مالك بعد يأس المنصور من احتواء الإمام أبي حنيفة ، توجه إلى الإمام مالك
[1] الأعلام ، للزركلي 6 : 80 . [2] شذرات الذهب 6 : 213 - 214 . [3] انظر أخباره في كتب التراجم . [4] شذرات الذهب 5 : 267 .