إلى عثمان بسبب تغيير ابن أبي سرح أوقات الصلاة ليتعرف عن طريق هذا الأسلوب على مخالفيهم . فالحكام - وكما قلنا - كانوا يريدون التعرف على من يخالفهم في الرأي بتأكيدهم على بعض المفردات العبادية المختلف فيها بين الصحابة ، إذ أن الملتزم بخط السنة النبوية لا يمكنه - رغم كل الظروف - أن يتخلى عما يعتقد به إلا أن تكون حالة خاصة تستوجب التستر دفعا للتهلكة عن النفس . وعليه فقد عرفت أن الدعوة للأخذ بالأحكام السلطانية واتباع الحاكم ( وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ) هي دعوة سلطوية بذرت نواتها في أواخر عهد الشيخين وعهد عثمان ، ثم نمت في العهد الأموي ، ونضجت في العهد العباسي . ويؤكد هذا المعنى قضايا كثيرة منها دعوة عبد الله بن عمر الأمة إلى الأخذ بفقه عبد الملك بن مروان ، وكلام سعيد بن جبير عن رجاء بن حياة - أحد الفقهاء السبعة في العهد الأموي - وقوله : ولكن كنت إذا حركته وجدته شاميا يقول قضى عبد الملك بن مروان بكذا وكذا . وأن منادي الدولة الأموية كان ينادي : أن لا يفتي إلا عطاء بن رباح ، ومنادي الدولة العباسية : ألا لا يفتي الناس إلا مالك بن أنس وابن أبي ذؤيب . ومنها إرسال نافع الديلمي مولى ابن عمر إلى مصر ليعلمهم السنن ، وتصدر سليمان بن أبي موسى ومكحول للإفتاء بدمشق ، وما قاله الذهبي عن عبد الله بن ذكوان وإنه : ولي بعض أمور بني أمية . وبهذا اتضح بأن الحكام كانوا يستغلون الشريعة لمصالحهم السياسة ولكشف المخالفين ، وإن العباسيين كانوا أذكى في تعاملهم في هذه المسألة من الأمويين حيث كانوا يفرضون آراءهم تحت غطاء البحوث العلمية والمناقشات الحرة ليتصيدوا في الماء العكر . مطارحة بين الصادق وأبي حنيفة نقل الإمام أبو حنيفة قصة حواره مع الإمام جعفر بن محمد الصادق فقال : قال لي أبو جعفر المنصور : يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ