من عناصر مختلفة ، فكيف يهبط بهم الشذوذ في التفكير إلى هذا المستوى ، في حين هم إلى الاجتماع أحوج منهم إلى الفرقة واختلاف الرأي ؟ ! وبهذا ، تجلى لنا أن الحكام قد اتبعوا طرقا لاحتواء الزيدية ، منها : 1 - دس علماء السوء بين صفوفهم ، وكانت مهمتهم : محاولة إبعاد الفصائل الثورية الزيدية عن فقه علي بن أبي طالب . 2 - بث النعرات المذهبية بين صفوف الزيدية . 3 - محاولة خلق فجوة خلاف بين الطالبيين وغيرهم ، وسواها الكثير . أما العلويون فكانوا - بقدر المستطاع - يسعون للمحافظة على وحدتهم سياسيا وفكريا ، مما دعا المنصور لأن يعتب على الزيدية لتعاونهم مع بني الحسن بقوله : ( ما لي ولبني زيد ! وما ينقمان علينا ؟ ! ألم نقتل قتلة أبيهما ونطلب بثأره ونشفي صدورهما من عدوهما [1] ؟ ! وكيف لا ينقمون على العباسيين وهم يرون بأم أعينهم ذلك الدور التخريبي الذي يمارسونه والذي فاق دور وممارسات الأمويين خسة وحقدا ! وأما العامل الثالث : فهو احتواء بعض الفقهاء لثورة زيد بن علي . من الثابت في كتب التاريخ إن الإمام النعمان بن ثابت ( أبا حنيفة ) كان من المؤيدين للثورات العلوية ، كثورة زيد بن علي بالكوفة ، ومحمد النفس الزكية في المدينة ، وأخيه إبراهيم في البصرة ، وكان من الداعين للخروج على طاعة السلطان الفاسد . ومن الطبيعي أن تؤثر هذه المواقف على نفسيات المجاهدين مما يولد لديهم حالة من التعاطف مع الإمام أبي حنيفة ، مضافا إلى أن أصول فقه أبي حنيفة كانت توافق الرأي وترتسم وفق القياس ، وإنه كان يجادل مخالفيه الفقهيين ويبين لهم وجوها من الرأي مما كان يعجب كثيرا من الناس ، هذا من