وراء ترسيخ فقه عثمان . وقد مر عليك أن عبد الرحمن بن أبي بكر وأخاه محمدا ، وكذا ابن عمر كان وضوؤهم هو المسح ، وذلك يدلل ويؤكد على أن سيرة المسلمين كانت هي المسح منذ عهد النبي الأكرم ( ص ) حتى عهد الشيخين [1] ، لما اتضح لك من قبل من عدم وجود الخلاف في عهدهما ، وترى الآن فعل أبنائهما في الوضوء . وأن مواقف الصحابة وأبنائهم من أمثال أنس بن مالك وعبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن أبي بكر ، كانت ذات بعد توجيهي ، وهي تومئ إلى ديمومة خط السنة النبوية ، رغم مخالفة الحكام له . لقد أوصلنا البحث إذن إلى أن البعض من العشرة المبشرة ، وزوجات النبي ، وخدمه ، وبعض كبار الصحابة من أمثال ابن عباس وعلي بن أبي طالب و . . . قد نقلوا لنا الوضوء الثنائي المسحي واعتبروه سنة نبوية يجب العمل بها . بهذا . . فقد وقفنا على بعض خلفيات المسألة ، واتضح لنا جهل من يقول : هذا هو وضوء الرافضة أو الشيعة فقط ، بل عرفت بأنه وضوء رسول الله ، ووضوء كبار الصحابة . لماذا إذن ؟ ! بعد هذا نتساءل : لماذا لا نرى قائلا بالمسح في المذاهب الأربعة اليوم رغم مشروعيته منذ زمن الرسول إلى هذا العهد ورغم تناقل الفقهاء والمحدثين ذلك في كتبهم ؟ وكيف صار المسلمون لا يقبلون ذلك الوضوء وينظرون إليه بارتياب واستنكار ؟ ! ولماذا يتهم القائل بالمسح بالزندقة والابتداع والخروج من الدين ، رغم ثبوته والتزام كبار الصحابة به وفعلهم له ؟ ! وكيف يقول ابن كثير : ومن أوجب من الشيعة مسحها كما يمسح الخف ،
[1] أما ما نسب إلى الخليفة عمر بن الخطاب من أنه كان يغسل رجليه ، فهو مما نبحثه في الفصل الأول من هذه الدراسة إن شاء الله تعالى .