النائيني قدّس سرّه على ما تقدم بيانه في بحث الإنشاء . وعلى هذا المبنى فلمّا كانت العناوين المعاملية من البيع والصلح والنكاح والطلاق والعتق أفعالا مباشرية توجد بآلات خاصة كالصيغ الإنشائية كان إمضاؤها إمضاء للآلات المتعارفة . وإمّا لأن المعاملات ليست أسامي لخصوص الإنشاء ولا لخصوص المنشأ ، بناء على بطلان مبنى إيجادية الإنشاء ، بل هي أسام لمجموع الأمر الاعتباري القائم بنفس المعتبر وإبرازه بمبرز خارجي . وعليه ينحسم مادة الإشكال ، إذ لا مسبّب ولا سبب ، كما لا آلة ولا ذيها ، فمعنى حلية البيع إمضاء الاعتبار القائم بنفس البائع المظهر بما يدل عليه ويحكى عنه . كما لا مجال للبحث عن أن إطلاق إمضاء المسبب لفظا هل يستلزم إطلاق السبب أم لا ، ضرورة كون متعلق الإمضاء أمرا واحدا لا تعدد فيه حتى يتّجه البحث عن استلزام إطلاق المسبّب إطلاق السبب . وإمّا لأنّ نسبة المصدر إلى اسمه ليس نسبة السبب إلى المسبب ، لاتحادهما ذاتا واختلافهما اعتبارا ، حيث إنّ الحدث مع النسبة الناقصة عين الحدث بدونها ، فإمضاء المعنى المصدري - وهو الحدث المنسوب إلى فاعل مّا - كالتمليك متحد مع الملكية التي هي اسم المصدر ، فيسقط البحث عن أنّ إمضاء السبب أو المسبب هل يستلزم إمضاء الآخر أم لا ؟ ولا يخفى انحلال المعضل بكلّ من هذه الوجوه الثلاثة ، ويتم التمسك بإطلاق أدلة المعاملات سواء قلنا بوضعها للأعم أم لخصوص الصحيح . إلَّا أنّ في تمامية ما سلكه المحقق النائيني قدّس سرّه خفاء ، لمغايرة الآلة لذيها وجودا ، كمغايرة السبب للمسبب ، فإشكال تعدد الوجود جار في الآلات أيضا . وينحصر الحلّ بأنّ دليل الإمضاء ظاهر في أنّ الممضى هي الجهة الصدورية الملحوظ فيها نسبة ناقصة ، فمثل قوله تعالى : * ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) * ظاهر في توجه الأمر بالوفاء إلى الَّذين تصدر عنهم العقود ، فكأنّه قيل : « أوفوا بما تصدرونه من العقود » فحيثية الصدور ملحوظة في مقام الإمضاء ، ومن المعلوم إناطة صدور البيع بالآلة المعمولة عند العرف لإيجاده ، فإمضاء ذي الآلة إمضاء لنفس الآلة .