< صفحة فارغة > [ المدخل ] < / صفحة فارغة > رسالة في التقية بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد للَّه ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيّد الأنبياء محمّد وآله الطَّاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدّين وبعد < صفحة فارغة > [ معنى التقية لغة ] < / صفحة فارغة > قوله والتّاء بدل عن الواو إلى آخره ( 1 ) أقول فهي من الوقاية ومن ذلك إطلاق التّقوى على الإطاعة للَّه عزّ وجلّ لكونها وقاية عن النّار والعذاب قوله والمراد هنا التّحفّظ عن ضرر الغير إلى آخره ( 2 ) أقول لا أرى وجها لتقييد القول والفعل بمخالفة الحقّ لأنّ التّقيّة أعمّ من ذلك حيث إنّها التّحفّظ عن ضرر الغير بموافقته فيما لولاها لتضرّر منه مطلقا ولو كان موافقا للحقّ كما في موافقة المنافقين للمسلمين في أحكام الإسلام خوفا من المسلمين ومجرّد اختصاص بعض جهات البحث بصورة كون ما يتّقى به مخالفا للحقّ لا يوجب تخصيص العنوان بها مع عموم بعضها الآخر لها ولمقابلها فينبغي تعميم العنوان لكلتا الصّورتين ثمّ تقسيمه إلى قسمين أحدهما صورة مخالفة ما يتّقى به للحقّ والآخر صورة موافقته له والتّكلَّم في الثّاني في جهات البحث إجمالا ثمّ تفصيلا مثل الأوّل فنحن نقول إنّ الكلام في القسم الثّاني تارة يقع في حكمه التّكليفي وأخرى في حكمه الوضعي بمعنى أنّه يترتّب على العمل الصّادر تقيّة ما يترتّب عليه لو صدر اختيارا أم لا أمّا الكلام في الأوّل فهو أنّ ما يتّقى به إن كان من الإلزاميّات كالواجبات والمحرّمات فالتّقية فيه واجبة لدفع الضّرر الواجب عقلا وشرعا فيجب ما يتّقى به حينئذ من جهتين من جهة ذاته ومن جهة توقّف دفع الضّرر عليه وإن لم يكن منها فلو توقّف عليه دفع ضرر واجب بالفعل وجب وإلَّا فلا وأمّا الكلام من حيث الحكم الوضعي فإن كان من التّوصّليّات وكان ممّا لا يعتبر في أصل تحقّقها القصد والرّضا فلا ريب في ترتّب آثار الفعل الصّادر بدون التّقيّة عليها معها وإن كان ممّا يعتبر فيه ذلك كما في العقود والإيقاعات فكذلك أيضا لعموم موضوع أدلَّة الآثار له أمّا في الأوّل فواضح وأمّا في الثّاني فكذلك إذ لا مانع من التّمسّك بعموم أدلَّتها إلَّا أدلَّة الإكراه وهي مخصوصة بما إذا كان بغير حقّ هذا مع منع كون المقام من موارد الإكراه كما لا يخفى وإن كان من قبيل التّعبّديّات فيقع الإشكال فيه من جهة قصد القربة فإن قلنا بأنّ عباديّة العبادة لا يتحقّق إلَّا بكون العلَّة الباعثة إلى العمل لحاظ الأمر المتعلَّق به فلا أثر لذلك العمل الصّادر لأجل دفع الضّرر لانتفاء ملاك العبادة وإن قلنا بأنّ المناط في العباديّة إتيان العمل بقصد التّذلَّل والخضوع للمعبود بأيّ داع كان كما هو الحقّ الَّذي حقّقناه في الأجرة على الواجبات من حواشينا على المكاسب وفي مواضع ممّا علَّقناه على الكفاية منها مسألة أنّ الأصل في الواجب هو التّعبديّة أو التّوصّليّة فيترتّب عليه جميع الآثار من سقوط الإعادة والقضاء وغيره من الآثار الوضعيّة قوله وأخرى في أنّ الفعل المخالف للحقّ إلى آخره ( 3 ) أقول قد يتوهّم أنّه بعد البحث عن الجهة السّابقة لا يبقى مجال للبحث عن هذه الجهة إذ على القول بالشّقّ الأوّل فيها يكون العمل باطلا ومعنى بطلانه عدم ترتّب الأثر ومعه كيف يقال بترتّب أثر الحقّ عليه وعلى القول بالشّق الثّاني يكون العمل صحيحا وحقّا ومعنى صحّته ترتّب الأثر ومع ذلك لا معنى لعدم ترتّب أثر الحقّ عليه وهو توهّم فاسد إذ لنا أن نختار الشّق الثّاني من شقّي الكلام في الجهة السّابقة ونقول معنى الصّحّة فيه سقوط إتيانه كذلك ثانيا وأين هذا من سقوط الحقّ الواقعي وعدم لزوم إتيانه بعد ارتفاع التّقيّة في الوقت أو خارجه وبالجملة مرجع البحث في هذه الجهة إلى أنّ إتيان المأمور به بالأمر الاضطراري يجزي عن إتيان المأمور به الاختياري بعد ارتفاع الاضطرار وطروّ الاختيار أم لا < صفحة فارغة > [ أما الكلام في حكمها التكليفي ] < / صفحة فارغة > قوله كترك المداراة مع العامّة إلى آخره ( 4 ) أقول لو كان المداراة مع العامّة والمعاشرة معهم لو خلَّيت ونفسها مخالفة للحقّ كما هو مقتضى ما ذكره بعد ذلك بقوله وقد ورد النّص على الحثّ للمعاشرة مع العامّة إلى قوله فلا يجوز التّعدّي عن ذلك إلى ما لم يرد النّصّ من الأفعال المخالفة للحقّ فإنّه ظاهر في أنّ المعاشرة معهم مخالفة للحقّ وهو كذلك لجملة من الأخبار الواردة في النّهي عن المخالطة مع أعداء الله وأعداء رسوله وأوليائه الكرام والنّهي عن مجاورة أهل المعاصي ومعاشرتهم ومجالستهم وقد عقد لذلك بابين في كتاب الأمر بالمعروف من الوسائل قوله قدّس سرّه عن معارض الضّرر ( 5 ) أقول المعارض بفتح الميم جمع معرض قوله وفعله مساويا ( 6 ) أقول الظَّاهر تحمّله بدل فعله وعلى أيّ حال فالمراد واضح قوله ويدلّ عليه الخبر الوارد في رجلين إلى آخره ( 7 ) أقول يعني به خبر عبد الله بن عطاء قال قلت لأبي جعفر عليه السّلام رجلان من أهل الكوفة أخذا فقيل لهما ابرءا عن أمير المؤمنين عليه السّلام فبرئ واحد منهما وأبى الآخر فخلَّى سبيل الَّذي برئ وقتل الآخر فقال أمّا الَّذي برئ فرجل فقيه في دينه وأمّا الَّذي لم يبرأ فرجل تعجّل إلى الجنّة حيث إنّه ع أمضى فعل كليهما فيدلّ على جواز كليهما في نظره هذا ولا يخفى أنّ مورده البراءة عنه لا سبّه عليه السّلام والأخبار المشتملة على السّبّ قد أمر في جميعها بسبّه ع لأجل التّقيّة وأمّا البراءة عنه ع فالأخبار فيها مختلفة ففي بعضها لم يجوّزها لأجل التّقيّة وفي بعضها أمر بمدّ الرّقاب يعني تحمّل القتل وبعضها يدلّ على وجوب التّقيّة فيها وبعضها يدلّ على جواز كلا الأمرين من التّقيّة بالبراءة وتركها بعدمها ورجحان الأوّل من الثّاني وبه يجمع بين الأخبار بحمل الأوّل على جواز تحمّل القتل وترك التّقيّة مع أنّ الأمر بمدّ الرّقاب فيه من جهة وروده مورد توهّم الحظر لا يدلّ على أزيد من الجواز وحمل الثّاني على شدّة الاستحباب فعلى هذا يكون إظهار البراءة عن الأمير عليه السّلام عند التّقيّة مثالا للتّقيّة المستحبّة وممّا ذكر يظهر الوجه في تقييد بعضهم كون التّقيّة بإظهار كلمة الكفر مكروها بكونه ممّن يقتدي به النّاس قوله وذكر الشّهيد ره في قواعده إلى آخره ( 8 ) أقول ذكره في القاعدة الرّابعة عشر بعد المائتين قوله إذا كان لا يخاف إلى آخره ( 9 ) أقول الظَّاهر أنّ المراد من الضّرر العاجل والآجل