وأما ابن أبي عقيل فهو وإن كان يقول بطهارة سؤر الذمي ، إلا أنه ليس ذلك لأجل كونه قائلا بالطهارة ، بل إن فتواه بذلك ناشئة عما تحقق عنده من عدم انفعال الماء القليل بملاقات النجس ، ومن نسب الخلاف إليه استفاد ذلك من تصريحه بطهارة سؤر الذمي ، والحال أن افتاءه بطهارة سؤره مبني على اجتهاد خاص به في الماء القليل حيث إنه على خلاف كافة العلماء والأصحاب - القائلين بأن الماء القليل ينجس بملاقات النجاسة ، وأن الكر لا يتنجس إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة بها - يقول إن الماء القليل أيضا مثل الكثير لا يتنجس بمجرد الملاقاة ، وبعبارة أخرى أنه قائل بعدم انفعال القليل بالنجاسة ، و سؤر الذمي طاهر عنده لذلك - بعد تخصيص السؤر بالماء 1 - فلا يدل افتاءه بذلك على طهارتهم أصلا . بقي من هؤلاء الذين قد يدعي مخالفتهم للأصحاب ابن الجنيد الإسكافي . 2 والذي يسهل الخطب ويهون الأمر أنه مرمي بشذوذ القول والميل إلى القياس والافتاء غالبا على طبق مذهب العامة وقد شنعوا عليه في ذلك وصار
1 . أقول : كما عليه جملة من الأصحاب على ما صرح به في المدارك . وقال في كشف الغطاء : الأسئار جمع سؤر وهو فضلة الشرب من قليل الماء من حيوان ناطق أو صامت وإن اشتهر في الثاني أو ما أصاب أو أصابه فم حيوان أو جسم حيوان كذلك والأظهر الأول . 2 . فإن له كلامين ظاهرين في مخالفته للأصحاب وذهابه إلى طهارة أهل الكتاب وقد نقلهما علم التقى الشيخ المرتضى قدس سره الشريف في طهارته . قال في أحد كلاميه : التجنب من سؤر من يستحل المحرمات من ملي أو ذمي أحب إليه إذا كان الماء قليلا . وفي الآخر : إن التجنب مما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم ومما صنع في أواني مستحلي الميتة ومؤاكلتهم ما لم تيقن طهارة آنيتهم وأيديهم أحوط ، انتهى . فتارة عبر ، بأن التجنب أحب وأخرى بأنه أحوط فتأمل .