إسم الكتاب : نتائج الأفكار ، الأول ( عدد الصفحات : 246)
لكان معنى الآية إن المشركين خبيثة قذرة وعلى ذلك كان يحتاج الحكم بالنجاسة الشرعية في الكفار حتى المشركين منهم إلى دليل خاص غير هذا العموم وهذا خلاف الظاهر جدا فإنهم كانوا يحكمون بنجاسة الكفار بمجرد هذا الآية الكريمة ولا جل هذا العموم المذكور على لسان المولى سبحانه وتعالى ، فانظر إلى كلام الطبرسي في مجمع البيان ، قال : واختلف في نجاسة الكافر فقال قوم من الفقهاء إن الكافر نجس العين ، و ظاهر الآية يدل على ذلك وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب : امنعوا اليهود والنصارى من دخول مساجد المسلمين واتبع نهيه قول الله تعالى : " إنما المشركون نجس " الآية وعن الحسن قال : لا تصافحوا المشركين فمن صافحهم فليتوضأ انتهى . والمراد من التوضئ هو غسل اليد ولا بد من أن يراد منه لزوم الغسل إذا تصافحا مع نداوة في يد أحدهما فإذا صافح المسلم المشرك " الكافر " مع رطوبة سارية فلا بد من غسل اليد لتنجسها بالمساس والملاقاة . إلى غير ذلك مما ورد في الأخبار أو التواريخ ، الظاهر في أن استنادهم في الأحكام المقررة كان إلى الآية الكريمة . وأما قوله تعالى : " فلا يقربوا المسجد الحرام . . . " فهذا في الحقيقة نهي متوجه إلى المؤمنين لا إليهم ، لعدم ايمانهم بالله كي ينتهوا عما نهوا عنه ، وإلا فالأجدر بهم أن يؤمنوا بالله ويتركوا الأصنام والأوثان ، ويخرجوا من عبادتهم إلى عبادة الله سبحانه ، وعلى هذا فمعنى الآية الكريمة أنه يجب على المؤمنين أن يمنعوا المشركين عن دخولهم المسجد الحرام . 1
1 . أقول : ولا ينافي هذا ما ذكروه من أن الكفار مكلفون بالفروع كما أنهم مكلفون بالأصول ، وذلك لأن ما أفاده دام ظله متعلق باجراء الحكم وتحقيقه وانفاذه .