تشريع الأحكام وتحريم الحلال وتحليل الحرام وقد سمى الله تعالى عملهم شركا وقال : " سبحانه عما يشركون . " والحاصل : أن اليهود والنصارى مشركون في صريح القرآن 1 ولذا قال العلامة في التذكرة ج 1 ص 442 في ضمن شرائط الذمة : ولا يظهروا شركهم في عيسى وعزير انتهى . وعلى هذا الجملة فاتخاذ غير الله في قباله معبودا ومطاعا أيضا شرك ، كما أن اتخاذ الشريك له في ذاته وجعل الابن والأنداد والأمثال له تعالى شرك .
1 . قال الفاضل المقداد رضوان الله عليه عند الحكم بتحريم نكاح الكتابية والاستدلال عليه : إنهن مشركات وكل مشركات نكاحهن حرام فنكاح اليهوديات والنصرانيات حرام أما الصغرى فلقوله تعالى : " وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله إلى قوله سبحانه : عما يشركون " وأما الكبرى فلقوله تعالى : " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " ( سورة البقرة الآية 220 ) والجمع المعرف بلام الجنس للعموم . إن قلت : الصغرى ممنوعة إذ لا قائل اليوم من اليهود بذلك بل كان شرذمة وانقرضوا فلا يتناول الحكم الموجودين اليوم . قلت : الحجة في قوله تعالى لا في قولهم وقد أخبر الله تعالى عنهم بذلك إذا الجمع المحلى باللام للعموم كما تقرر في الأصول إلى آخر كلامه فراجع التنقيح الرائع ج 3 ص 97 أقول : هذا مضافا إلى أن قولهم بالتثليث : الأب والابن وروح القدس ، معروف . وحكى الشيخ محمد عبده عن كتاب اظهار الحق : نقل إنه تنصر ثلاثة أشخاص وعلمهم بعض القسيسين العقائد الضرورية سيما عقيدة التثليث وكانوا في خدمته فجاء محب من أحباء هذا القسيس وسأله عمن تنصر ، فقال : ثلاثة أشخاص تنصروا فسأل هذا المحب : هل تعلموا شيئا من العقائد الضرورية ؟ فقال : نعم ، وطلب واحدا منهم ليرى محبه فسأله عن عقيدة التثليث فقال : إنك علمتني أن الآلهة ثلاثة : أحدهم الذي هو في السماء ، والثاني الذي تولد من بطن مريم العذراء ، والثالث الذي نزل في صورة الحمامة على الآلة الثاني بعد ما صار ابن ثلاثين سنة فغضب القسيس وطرده وقال : هذا مجهول ، ثم طلب الآخر منهم وسأله فقال : إنك علمتني أن الآلهة كانوا ثلاثة وصلب واحد منهم فالباقي الاهان فغضب عليه القسيس أيضا وطرده ، ثم الثالث وكان ذكيا بالنسبة إلى الأولين وحريصا في حفظ العقائد فسأله فقال : يا مولاي حفظت ما علمتني حفظا جيدا وفهمت فهما كاملا بفضل السيد المسيح : إن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد و صلب واحد منهم ومات فمات الكل لأجل الاتحاد ولا إله الآن وإلا يلزم نفي الاتحاد انتهى راجع المنار ، ج 6 ص 458 .