نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 91
إسم الكتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) ( عدد الصفحات : 467)
أفيصح قول ابن الأثير في « جامع الأُصول » حين الإشارة إلى قيمة الحديث بين الصحابة والتابعين : فما زال هذا العلم - من عهد الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والإسلام غضّ طريّ ، والدين محكم الأساس قوي - أشرف العلوم وأجلّها لدى الصحابة رضي اللّه عنهم والتابعين بعدهم وتابعي التابعين ، يعظمه وأهله الخلف بعد السلف ، لا يشرف بينهم أحد بعد حفظه لكتاب اللّه عزّ وجلّ إلاّ بقدر ما يحفظ منه ، ولا يعظم في النفوس إلاّ بحسب ما يسمع من الحديث عنه ، فتوفرت الرغبات فيه ، وانقطعت الهمم على تعلّمه ، حتى لقد كان أحدهم يرحل المراحل ذوات العدد ، ويقطع الفيافي والمفاوز الخطيرة ، ويجوب البلاد شرقاً وغرباً في طلب حديث واحد ليسمعه من راويه . فمنهم من يكون الباعث له على الرحلة : طلب ذلك الحديث لذاته . ومنهم من يقرن بتلك الرغبة سماعه من ذلك الراوي بعينه ، إمّا لثقته في نفسه ، وصدقه في نقله ، وإمّا لعلو اسناده ، فانبعثت العزائم إلى تحصيله . [1] فإذا كان الحكم السائد في عصر الخلافة تقليل الرواية عن محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكانت مشايعة بعض الصحابة بغية تحقق تلك الغاية . وإذا كانت مكانة كتابة السنّة ومنزلتها إحراقَها أمام الصحابة وعلى رؤوس الأشهاد ، أفهل يمكن أن يكون أشرف العلوم بعد حفظ كتاب اللّه كما وصفه ابن الأثير إلى آخر ما وصفه ؟ ! ! نعم يصح ما ذكره في منتصف القرن الثاني بعد ما بلغ السيل الزبى ، واندرس العلم ، وأُبيد معظم الصحابة والتابعين ، فلم يبق إلاّ صبابة كصبابة الإناء ، فعند ذلك وقفوا على الرزية العظمى التي منوا بها ، فعادوا يتداركونه ببذل جهود حثيثة في تقييد شوارد الحديث ، يقول ابن الأثير : لما انتشر الإسلام ، واتسعت