نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 423
يجتهد فيما لم يحضره من الأحكام . [1] إنّ الصحابي قد يسمع من النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في واقعة ، حكماً ويسمع الآخر في مثلها خلافه ، وتكون هناك خصوصية في أحدهما اقتضت تغاير الحكمين غفل أحدهما عن الخصوصية أو التفت إليها وغفل عن نقلها مع الحديث ، فيحصل التعارض في الأحاديث ظاهراً ، ولا تنافي واقعاً . ومن هذه الأسباب وأضعافِ أمثالها احتاج حتى نفس الصحابة الذين فازوا بشرف الحضور ، في معرفة الأحكام إلى الاجتهاد والنظر في الحديث ، وضمّ بعضه إلى بعض ، والالتفات إلى القرائن الحالية فقد يكون للكلام ظاهر ومراد النبي خلافه اعتماداً على قرينة في المقام ، والحديث نُقِلَ والقرينة لم تنقل . وكلُ واحد من الصحابة ، ممن كان من أهل الرأي والرواية ، تارة يروي نفس ألفاظ الحديث ، للسامع من بعيد أو قريب ، فهو في هذا الحال راو ومحدث ، وتارة يذكر الحكم الذي استفاده من الرواية ، أو الروايات بحسب نظره واجتهاده فهو في هذا الحال ، مفت وصاحب رأي . [2] 3 . وهناك وجه ثالث وهو انّ صاحبَ الشريعة ما عُني بالتفاصيل والجزئيات لعدم سنوح الفرص ببيانها ، أو تعذر بيان حكم موضوعات لم يكن لها نظير في حياتهم بل كان تصورها - لعدم وجودها - أمراً صعباً على المخاطبين فلا محيص لصاحبِ الشريعةِ عن القاء أُصول كلية ذات مادة حيويّة قابلة لاستنباط الأحكام وفقاً للظروفِ والأزمنة . 4 . انّ حياة الدين مرهونة بمدارسته ومذاكرته ولو افترضنا انّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذكر التفاصيل والجزئيات وأودعها بين دفّتي كتاب ، لاستولى الركود الفكري على
[1] المقريزي : الخطط : 2 / 333 . [2] كاشف الغطاء : أصل الشيعة : 147 ، طبعة القاهرة .
423
نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 423