نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 293
الممكن أن يستند في قوله إلى إطلاق الآية وليس لها إطلاق ، أو عموم دليل وليس بعام ، وعلى كلّ تقدير استنتج الحكم من دليل لو وصل إلينا لم نعتبره دليلاً ، فمع هذا الاحتمال لم يبق وثوق بأنّه سبحانه أذن في الإفتاء وفق قوله . الثاني : أنّ أقصى ما يمكن أن يقال هو الظنّ بأنّه استند إلى النّص ، لا القطع ، ومن المعلوم أنّ الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً ، بل يجب أن يحرز أنّه استند إلى النص ، فيكون ممّا أذن اللّه أن يفتى به ، فما لم يحرز اعتماده على النصّ إحرازاً علمياً ، يدخل الافتاء به تحت قوله سبحانه : ( اللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُون ) [1] . الثالث : لو كان قول الصحابي مستنداً إلى سماعه عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أو عمّن سمعه من النبي ، لم يكن يترك ذكره ، لما فيه من الشرف والمفخرة له ، بشهادة أنا نجد اهتمام الصحابة بنقل كلّ ما يمتّ إلى النبي بصلة من دقيق وجليل وقول وفعل وتقرير وتصديق . فالإفتاء بلا ذكر السماع يُشرف الفقيه على القطع بأنّ ما نقله الصحابي هو في الواقع اجتهاد منه ، وبذلك لا يبقى أيّ اطمئنان ووثوق بمثل هذا القول . وهناك حقيقة مرّة ، وهي انّ حذف قول الصحابي من الفقه السنّي يوجب انهيار صرح البناء الفقهي الذي أشادوه ، وتغيّر القسم الأعظم من فتاواهم ، وحلول فتاوى أُخر محلّها ربما استتبع فقهاً جديداً لا أُنس لهم به . ومنه يظهر ضعف ما جاء به بعض المعاصرين حيث يقول في جملة كلامه :