نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 196
وملاك الحرمة هو التقوّل بمالا يعلم كونه من اللّه سواء أكان في الواقع إذن من اللّه سبحانه أم لا ؟ فهذه الآية ونظائرها تفرض على المجتهد أن يعتمد في استنباط الأحكام ، على أمر قام دليل قاطع على حجّيته وإن كان ذلك الأمر في حدّ نفسه ظنّياً ، لكن صار حجّة في ظلِّ الدليل القطعي كالسنّة المحكيّة بقول الثقة ، وعلى هذا فلو شكّ في الحجّية أو ظن بها يكون عمله افتراءً على اللّه أو تقوّلاً عليه سبحانه بغير علم . هذا اجمال الكلام وسيوافيك تفصيله في الأمر العاشر [1] فانتظر . ولنذكر في المقام أمرين ، ثمّ نأخذ كلّ واحد من تلك الأُمور بالبحث والنقاش . الأمر الأوّل : انّ الكلام في حجّية تلك الأُمور فيما إذا لم يكن فيها نص قرآني وسنّة معتبرة ، ومن المعلوم انّه لا اجتهاد مع النص ، ولا يحق لأحد التقدم على اللّه ورسوله ، قال تعالى : ( يا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّه ورَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [2] فما ربما يعزى إلى أبي حنيفة من أنّه كان يقدّم القياس على السنّة ، فإنّما هو فيما إذا لم تكن السنّة واجدة لشرائط الحجّية ، وإلاّ فمع ثبوتها لا يحق لأحد أن يقدّم رأيه على رأي اللّه ورسوله . الأمر الثاني : انّ الداعي إلى اعتبار هذه المقاييس الظنية التي لم يقم على أكثرها دليل قاطع ، هي قلّة النصوص في مجال الفقه ، فإنّ آيات الأحكام آيات محدودة ، وقسم منها مجملات صدرت لبيان أصل الحكم لا تفاصيله . وأمّا السنّة فقد بلغ عدد الأحاديث المروية في الأحكام ما يناهز 1596 حديثاً .