نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 114
ج . إنّ طبيعة الاجتهاد خاضعة للنقاش والنقد ، فلو اجتهد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في بعض الأحكام فنظره كغيره قابل للنقد والنقاش ، ومعه كيف يكون حلال محمد حلالاً إلى يوم القيامة وحرامه حراماً إلى يوم القيامة ، وكيف تكون شريعته خاتمة الشرائع ؟ ! كلّ ذلك يعرب عن أنّ نسبة الاجتهاد إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعيدة عن الصواب ، وإنّما يتفوّه بها من ليس له أدنى إلمام بمقامات الأنبياء ، لا سيما خاتم النبيين أفضل الخليقة . قال الشوكاني : اختلفوا في جواز الاجتهاد للأنبياء في الأحكام الشرعية على مذاهب : المذهب الأوّل : ليس لهم ذلك لقدرتهم على النص بنزول الوحي ، وقد قال سبحانه : ( إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحى ) . [1] والضمير يرجع إلى النطق المذكور قبله بقوله : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى ) وقد حكى هذا المذهب الأُستاذ أبو منصور عن أصحاب الرأي ، وقال القاضي في « التقريب » : كلّ من نفى القياس أحال تعبّد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالاجتهاد . قال الزركشي : وهو ظاهر اختيار ابن حزم . واحتجّوا أيضاً بأنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان إذا سُئل ينتظر الوحي ويقول : « ما أنزل عليَّ في هذا شيء » كما قال لما سئل عن زكاة الحمير فقال : لم ينزل عليّ إلاّ هذه الآية الجامعة : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّة خَيراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّة شَرّاً يَرَهُ ) . [2] وكذا انتظر الوحي في كثير ممّا سئل عنه ، ومن الذاهبين إلى هذا المذهب أبو علي وأبو هاشم . [3]
[1] النجم : 4 . [2] الزلزلة : 7 و 8 . [3] الشوكاني : إرشاد الفحول : 225 .
114
نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 114