نام کتاب : موسوعة طبقات الفقهاء ( المقدمة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 18
وممّا يدل أيضاً على أنّ التشريع القرآني أخذ على نفسه صورة التدرّج هو إنّ الآيات المتضمّنة للأحكام الشرعية منبثة في سور شتى غير مجتمعة في محل واحد ، وهذا يوضح إنّ التشريع لم يكن على غرار التشريع في التوراة الذي نزل دفعة واحدة يقول سبحانه : ( وَكَتَبْنا لَهُ فِي الأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيء مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْء فَخُذْها بِقُوَّة وأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُورِيكُمْ دارَ الْفاسِقِين ) . [1] وقال : ( وَلَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ) . [2] 2 . الاقتصار على الأحكام الكلية يتميز التشريع القرآني في مجال العبادات والمعاملات وغيرهما بعرض أُصول كلية يترك تفاصيلها إلى السنّة الشريفة ، فترى أنّ لفظة الصلاة قد ذكرت في القرآن قرابة 67 مرّة ، وأكثرها حول الصلاة الواردة في الشريعة الإسلامية ، وبالرغم من ذلك نجد انّه لم يذكر شيئاً كثيراً من تفاصيلها إلاّ قليلاً ، كأوقات الصلاة ، ونظيرها الصوم والزكاة والخمس ، وما هذا إلاّ لأنّ القرآن هو الدستور العام للمسلمين ، والدعامة الأساسية للتشريع ، فطبيعة الحال تقتضي ترك التفاصيل إلى السنّة ، ولكن مع اقتصاره على الأُصول ، قلّما يتّفق لباب أو كتاب فقهي لم يستمد من آية قرآنية ، فكأنّ آيات الأحكام مع قلّتها لها مادة حيوية تعين الفقيه على التطرّق إلى كافة الأبواب الفقهية .