دوّن فيها مؤلّفوها الأحاديث التي سمعوها من الإمام مباشرة ورووها عنه بلا واسطة ، والتي سمعوها من راو يرويها - بدوره - عن الإمام مباشرة ، أي إنّ ما في الأُصول من أحاديث لم ينقل من كتاب ، وإنّما اعتمد في طريقة تدوينه على السماع من الإمام أو ممّن يروي عن الإمام مباشرة . وغير الأُصول هي التي نقل إليها أو فيها مؤلّفوها محتوياتها من الأحاديث ولو عن كتاب مكتوب . وعن هذه الكتب أُصولا وغيرها نقل أصحاب المجموعات الحديثية التي أُلّفت بعد عصر الأئمة ( عليهم السلام ) - أي في أواخر عصر الغيبة الصغرى وأوائل الغيبة الكبرى - محتوياتها والتي كانت هي المصدر الأساس لبناء وتأسيس المرحلة الثانية من فقه أهل البيت ( عليهم السلام ) وهي مرحلة الفقه الاجتهادي ، كما سيأتي . يقول شيخنا الطهراني [ ت = 1389 ه ] في كتابه الذريعة : " ثمّ بعد أن جمعت الأُصول في المجاميع قلّت الرغبات في استنساخ أعيانها لمشقة الاستفادة منها فقلّت نسخها وتلفت النسخ القديمة تدريجاً ، وأوّل تلف وقع فيها إحراق ما كان منها موجوداً في مكتبة سابور بالكرخ فيما أُحرق من محالّ الكرخ عند ورود طغرل بك - أوّل ملوك السلجوقية - إلى بغداد سنة 448 ه ، كما ذكره في معجم البلدان ، وذلك بعد تأليف شيخ الطائفة : التهذيب والاستبصار وجمعهما من تلك الأُصول التي كانت مصادر لها . ثمّ بعد هذا التاريخ هاجر هو من الكرخ وهبط النجف الأشرف وصيّرها مركز العلوم الدينية إلى اثنتي عشرة سنة ، وتوفي بها سنة 460 ه ، وكان أكثر تلك الأُصول باقياً بالصورة الأولية إلى عصر محمّد بن إدريس الحلي ، وقد استخرج من جملة منها ما جعله مستطرفات السرائر ، وحصلت جملة منها عند السيد رضي الدين علي بن طاووس المتوفى سنة 664 ه ، كما ذكرها في كشف المحجة ، وينقل عنها تصانيفه . ثمّ تدرج التلف وتقليل النسخ في أعيان هذه الأُصول إلى ما نراه في عصرنا هذا ، ولعلّه يوجد منها في أطراف الدنيا ما لم نطلع عليها ، والله العالم " [1] .