شاهداً للجمع بهذا النحو من التفصيل بين الخبرين المطلقين المتقدّمين . وهذا الوجه للجمع هو الذي ذهب إليه المشهور [1] ، بل أكثر المتأخرين [2] ، بل عامتهم [3] ، بل قال المحقق النجفي في الجواهر : « لا خلاف أجده فيه بين القدماء والمتأخّرين . . . إلاّ من معتبر المصنف فاستحبّه وتبعه . . . » [4] . وذهب المحقق في المعتبر [5] والسيد العاملي [6] والسبزواري [7] إلى الوجه الثاني للجمع ، ومال إليه السيد الطباطبائي في الرياض أيضاً [8] ، وحملوا الأمر بعزل الفم في خبر ابن سنان على الاستحباب بقرينة الجواز المصرّح به في خبر معاوية ابن وهب . ونوقش في ذلك : بأنّ الأمر وإن كان غير صريح في اللزوم فيمكن حمله على الاستحباب بما دلّ على الجواز صريحاً ، إلاّ أنّ هذا الجمع متأخر عن الجمع الموضوعي بين الدليلين ، فإنّه إذا كان دليل الأمر أخصّ موضوعاً لأنّه وارد في خصوص الشرب من موضع الفضّة من القدح المفضّض بخلاف دليل الجواز كان الأمر أخصّ موضوعاً من دليل الجواز ومقيّداً له ، خصوصاً إذا كان التفصيل بين الحالتين وارداً في دليل واحد كما في المقام ، فيكون الوجه الأوّل هو المتعيّن للجمع . اللهم إلاّ أن يشكّك في أصل ظهور الأمر الوارد في خبر ابن سنان في اللزوم والتفصيل ؛ لكونه مسبوقاً بالتجويز المطلق في الصدر ، ولأنّ مثل هذا الأمر بحسب المناسبات العرفية تناسب الاستحباب لا الحرمة . ولعلّه لذلك احتاط في الفتوى بحرمة الشرب من موضع الفضّة جملة من المحققين [1] .