وقال المحقق الكركي معلّلا صحة الطهارة : « أمّا آنية النقدين فلأنّ المنهي عنه فيهما هو أخذ الماء منهما أو جعلهما مصبّاً ، لا إفاضة الماء على محلّ الطهارة ، ولا تبطل العبادة بمقارنة فعل محرّم لفعلها » . ثمّ قال : « ولو تطهّر فيهما فالظاهر عدم البطلان ؛ لرجوع النهي إلى أمر خارج عن العبادة » [1] . 4 - وما أن جاء دور السيد صاحب المدارك حتى نراه يتبنّى تفصيل العلاّمة ، وبعدئذ صار هو الموقف العام لدى التالين [2] .
[1] جامع المقاصد 1 : 192 . [2] قال السيد محمّد العاملي ( المدارك 2 : 381 ) - بعد نقله كلام المنتهى حيث استوجه البطلان - : « وهو جيّد حيث يثبت التوقّف المذكور ، أمّا لو تطهّر منه مع التمكّن من استعمال غيره قبل فوات الموالاة فالظاهر الصحّة ؛ لتوجّه الأمر باستعمال الماء حيث لا يتوقّف على فعل محرّم ، وخروج الانتزاع المحرّم عن حقيقة الطهارة » . وقال المحقق السبزواري ( الذخيرة : 174 ، س 4 ) : « المشهور بين الأصحاب أنّه لو تطهّر من آنية الذهب والفضّة لم يبطل وضوؤه ولا غسله ؛ لأنّ نزع الماء ليس جزء من الطهارة ، بل لا يحصل الشروع فيها إلاّ بعده ، فلا يكون له أثر في بطلان الطهارة » ، ثمّ نقل كلام المنتهى وقال : « وهو جيّد حيث تحقق التوقّف المذكور . أمّا لو تطهّر مع إمكان الطهارة بماء آخر قبل فوات الموالاة فالظاهر الصحّة ؛ لخروج الانتزاع عن حقيقتها وعدم توقّفها عليه ، ومثله صبّ ماء الطهارة فيها » . لكن قال الفاضل الإصفهاني ( كشف اللثام 1 : 494 ) - معلّقاً على كلام المنتهى - : « وعندي في حرمة الاغتراف منها أو صبّ ما فيها على الأعضاء تردّد ؛ ولأنّها من الإفراغ الذي لا دليل على حرمته » . إلاّ أنّ ظاهره أنّه يرى عدم كون الافراغ من الاستعمال المحرّم ، بل حكى عنه المحقق الهمداني ( انظر : مصباح الفقيه ، 8 : 361 ) التصريح بصحة الوضوء في صورة الارتماس أيضاً . ولكن لم نعثر عليه . وقال بحر العلوم في شرائط الوضوء ( الدرة النجفية : 18 ) : والغصب في المصبّ والأواني * كالغصب في الطهور والمكان مع انحصار فإذا لم ينحصرْ * صحّ لأمر بالطهور مستمرّ وحكم ما في فضّة أو في ذهبْ * حكم مباح في إناء مغتصب وقال في الهداية ( مخطوط : 17 ، س 7 ) . : « ولا يشترط في صحة الوضوء إباحة الآنية ، فلو اغترف من مباح في مغصوب صحّ الوضوء به . . . إلى أن قال : وكذا لو كانت ذهباً أو فضّة أو اتّخذ المغصوب مصبّاً مع وجود المندوحة عنه » . وقال السيد جواد العاملي ( مفتاح الكرامة 2 : 258 - 259 . ط - جماعة المدرّسين ) : « البحث في المسألة أن يقال : التطهّر من الماء المباح في الآنية المغصوبة والمستعملة من الذهب والفضّة ؛ إمّا أن يكون بالاغتراف منها ومثله الصبّ في اليد والغسل به ، وإمّا أن يكون بالصبّ منها على الأعضاء المغسولة ، وإمّا أن يكون بالغمس فيها . والأوّل قد سبق فيه الغصب أفعال الوضوء فلا مانع من الغسل به بعد حصوله في اليد . والثالث قد غصب فيه بنفس الوضوء ؛ لأنّ الغمس غصب ووضوء ، اللهمّ إلاّ أن ينوي الإخراج . والثاني يحتمل إلحاقه بالأوّل أو بالثالث . وعلى التقادير إمّا أن يكون متمكّناً من استعمال الماء المباح في الإناء المباح بحيث لو أراد الوضوء به لم تبطل الموالاة أو لا يكون متمكّناً . فعلى الأوّل يصحّ وضوؤه بالنحو الأوّل - أعني الاغتراف - من دون إشكال . وعلى الثاني أي ما إذا لم يكن متمكّناً من الإناء المباح ، بل انحصر الماء في الإناء المغصوب . فهناك وجهان : البطلان ؛ لأنّ الاغتراف يستلزم التصرّف ، فإذا أخذ أوّلا وغسل وجهه صحّ غسل وجهه ، فإذا أراد غسل يده كان منهيّاً عن التناول لها . والصحّة ؛ لأنّ تفريغ الآنية المغصوبة إمّا جائز أو واجب كما إذا كان هو الغاصب ، فإذا توضّأ بقصد الإفراغ صحّ . وكذا إذا توضّأ غافلا عن ذلك . وأمّا إذا توضّأ بقصد أنّه غصب أيضاً فيبطل . وأمّا إذا كان متمكّناً من المباح حين الغمس ، فإن قلنا إنّه باخراج يده يحصل إفراغ ولو يسيراً ، فلو قصد الوضوء ليفرغ على هذا الوجه احتمل بالإدخال الصحّة على تأمّل » .