المنصرف إلى الأكل ، وفي المقام لابدّ من تعيين المتعلّق ، وفيه احتمالات : الاحتمال الأوّل : كون المقدّر هو الأكل والشرب فحسب ؛ لأنّ النهي عن كل شيء إنّما هو بحسب الأثر المرغوب منه ، والأثر المرغوب من الآنية هو الأكل والشرب منها . وبناء على ذلك يكون مفاد كلتا الطائفتين واحداً ، وهو تحريم الأكل والشرب خاصة ، فلا يبقى دليل على المنع من سائر الاستعمالات . الاحتمال الثاني : أنّ المقدّر مطلق استعمال الإناء فيما يكون موضوعاً له ومناسباً معه - ومنه اتخاذه ظرفاً للاحراز فيه - لا خصوص الأكل والشرب . الاحتمال الثالث : أنّ المقدّر هو مطلق الانتفاع ، كما هو المناسب لقوله ( عليه السلام ) في رواية موسى بن بكر : « آنية الذهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون » ؛ لما عرفت من أنّ المتاع بمعنى ما ينتفع به . وعليه فالمحرّم هو الانتفاع بهما مطلقاً سواء أكان ذلك باستعمالهما المناسب أم بغيره كالتزيين . الاحتمال الرابع : أنّ المقدّر مطلق وجودها لدى المكلّف سواء عدّ استعمالا لهما أم لم يعدّ ، وسواء أكان انتفاعاً بهما أم لم يكن ، كالإدخار والحفظ . واستظهر بعض الفقهاء من تلك الروايات أوسع الاحتمالات - وهو الاحتمال الرابع - بدعوى أنّ حذف المتعلّق يفيد العموم ، فلا وجه لتخصيص الحرمة بالاستعمال فضلا عن التخصيص بالأكل والشرب [1] . وقد تجعل الطائفة الأُولى الناهية عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضّة مقيّدة لاطلاق هذه الطائفة وموجبة لحمل المطلق على المقيّد [2] . ونوقش بأنّه لا موجب له ؛ لأنّ الطائفة الأُولى لا تنفي ثبوت الحرمة في سائر الاستعمالات ، فكلتا الطائفتين مثبتتان للحرمة وإحداهما أعم من الأُخرى ، ولا تنافي بينهما ، فلا موجب لحمل المطلق منهما على المقيّد . هذا ، ولكن استفادة الاطلاق من الطائفة الثانية قابل للمناقشة ؛ وذلك :
[1] انظر : روض الجنان 1 : 457 - 458 . [2] انظر : الحدائق 5 : 509 .