فينطلق بي ، وقد قدّمت إليكم القول معذرة إليكم ، ألا إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي . . . » [1] . قال القاري في شرح المشكاة : « الأظهر هو أنّ أهل البيت غالباً يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله ، فالمراد بهم أهل العلم منهم ، المطّلعون على سيرته ، الواقفون على طريقته ، العارفون بحكمه وحكمته ، وبهذا يصلح أن يكونوا مقابلا لكتاب الله سبحانه ، كما قال : ( ويعلّمهُمُ الكتابَ والحِكْمةَ ) [2] » [3] . وقال السمهودي : « الذين وقع الحثّ على التمسّك بهم من أهل البيت النبوي والعترة الطاهرة هم العلماء بكتاب الله عزّ وجلّ ، إذ لا يحثّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على التمسك بغيرهم ، وهم الذين لا يقع بينهم وبين الكتاب افتراق حتى يردا الحوض ، ولهذا قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « لا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم » [1] . وأخرج العلاّمة الشيخ إبراهيم بن محمّد الحمويني الشافعي مناشدة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وفي ضمنها : قال ( عليه السلام ) : « أُنشدكم الله أتعلمون أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قام خطيباً لم يخطب بعد ذلك . . . فقال : يا أيّها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لن تضلوا ، فإنّ اللطيف الخبير أخبرني وعهد إليَّ أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فقام عمر بن الخطّاب شبه المغضب فقال : يا رسول الله أكلّ أهل بيتك ؟ فقال : لا ، ولكن أوصيائي منهم ، أولهم أخي ووزيري وخليفتي في أُمّتي ووليّ كل مؤمن بعدي هو أوّلهم ، ثمّ ابني الحسن ثمّ ابني الحسين ، ثمّ تسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحد حتى يردوا عليَّ الحوض ، هم شهداء الله في أرضه وحجّته على خلقه وخزّان علمه ومعادن حكمته ، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله ، فقالوا كلّهم : نشهد أنّ
[1] الصواعق المحرقة : 126 . [2] البقرة : 129 . [3] المرقاة في شرح المشكاة 10 : 531 . كتاب المناقب ، ذيل الحديث 6153 . [1] جواهر العقدين 1 : 93 .