من الاستجابة لكلّ متطلّبات الحياة وعلاج حاجاتها الثابتة والمتغيرة المستجدة على ضوء البيان الشرعي ومن دون خروج عن إطاره . وقد قام فقهاؤنا الأعلام منذ البداية بجمع وترتيب كل النصوص الصادرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) في مجاميع حديثية وفقهية وأُصولية ، فوزّعوا هذا التراث العظيم ضمن مصنفات متنوعة ، واستخرجوا منها مناهج الاستنباط وقواعده وطبّقوها في الفقه على الفروع والمسائل ، ووضعوا على أساسها الأنظمة والنظريات الاسلامية ، فكانوا بحق هم حفظة التشريع الاسلامي عن الضياع والتحريف ، وورثة الأنبياء والأئمة في صيانة الدين الحنيف . كما أنّهم قاموا من خلال التبليغ وإرجاع الناس إلى الفقهاء بتأسيس نظام المرجعية الدينية الرشيدة لتطبيق شرع الله في الأرض وترسيخ معالمه ونشر أحكامه ، فكانوا هم الشهداء على الدين والقادة لشرع الله المبين * ( بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء ) * [1] . وقد بذلوا في سبيل هذين المهمّين كل غال ونفيس ، وكلّفهم ذلك في كثير من الأحيان ثمناً غالياً من اضطهاد أو تشريد أو سجن أو شهادة ، فشكر الله سعيهم وأجزل ثوابهم وحشرهم مع أنبيائه الأبرار والأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) . وقد تُوِّجت كل تلك الجهود بانتصار الثورة الاسلامية المباركة وتأسيس الجمهورية الاسلامية ، فكانت بداية عهد فقهي جديد وإطلالة حضارية فريدة للاسلام على العالم من خلال مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وقد سبّبت هذه الإطلالة الحضارية المزيد من تطلّع العالم نحو التعرّف على الأُسس الفكرية والتراث الفقهي لهذا المذهب . وهذا ما يضع فقهاء الشيعة وحوزاتهم العلمية اليوم أمام مسؤولية ثقيلة ورسالة عظمى هي ضرورة استخراج