ويدلّ على ذلك عدد غفير من الروايات التي رواها الفريقان [1] :
[1] 1 - أمّا روايات أهل السنّة فنحن نذكر على سبيل الإشارة ما استفاضت عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي على أقسام نذكر منها : أ - ما دلّ على حصر الأئمة في الاثني عشر ، وهي عدّة أخبار مرويّة في كتبهم المعتبرة . فقد روى البخاري ( ت = 256 ه ) في صحيحه عن جابر بن سُمرة قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « يكون اثنا عشر أميراً » ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي إنّه قال : « كلّهم من قريش » . ( صحيح البخاري 6 : 2640 ، كتاب الأحكام ، باب الاستخلاف ، ح 6796 . سنن الترمذي 4 : 434 ، ح 2223 . مستدرك الحاكم 3 : 715 ، ح 6586 بتفاوت . ينابيع المودّة 3 : 289 ) . وروى مسلم ( ت = 261 ه ) في صحيحه عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : « لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر رجلا » ثمّ تكلّم النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بكلمة خفيت عليّ ، فسألت أبي : ماذا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ فقال : « كلّهم من قريش » . ( صحيح مسلم 3 : 1452 ، كتاب الإمارة ، ح 1822 . مسند أحمد 6 : 90 ، ح 20293 ، و 95 ، ح 20330 ، و 97 ، ح 20349 ، و 100 ، ح 20366 ، و 106 ، ح 20416 ، 20417 ، و 108 ، ح 20430 ، 20434 . وانظر أيضاً : مستدرك الحاكم 3 : 716 ، ح 6589 بتفاوت ) . وقد روى مسلم الحديث بثمان طرق ، ألفاظ متونها مختلفة ولكنّها متّفقة في لفظ « الاثني عشر » و « كلّهم من قريش » . كما روي عن سيّد الكونين ، بسند ينتهي إلى جابر بن سمرة عن النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : « يكون من بعدي اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش » . ( سنن الترمذي 4 : 434 ، ح 2223 . مسند أحمد 6 : 97 ، ح 20347 ، 20349 ، و 6 : 107 ، ح 20418 ، 20420 ، 20421 ، و 110 ، ح 20443 ، و 113 ، ح 20458 . حلية الأولياء 4 : 333 . مصابيح السنّة 4 : 137 ، ح 4680 . ينابيع المودّة 3 : 289 ) . وروى صدر الأئمة أخطب خوارزم ، موفق بن أحمد المكي ، بإسناده إلى راعي إبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، قال : سمعتُ رسول الله يقول : ليلة أُسري بي إلى السماء ، قال لي الجليل جلّ جلاله : آمن الرسول بما أُنزل إليه من ربّه . فقلت : والمؤمنون ، فقال لي : صدقت يا محمد ، من خلّفت في أُمّتك ؟ قلت : خيرها ، قال : عليّ بن أبي طالب ، قلت : نعم يا ربّ . قال : يا محمّد إنّي اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها ، فشققت لك اسماً من أسمائي ، فلا أُذكر في موضع إلاّ ذكرت معي ، فأنا المحمود وأنت محمّد ، ثمّ اطلعت ثانية فاخترت منها عليّاً واشتققت له اسماً من أسمائي ، فأنا الأعلى وهو عليّ . يا محمّد إنّي خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين والأئمة ( عليهم السلام ) من ولده من سنخ نوري ، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض ، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ، ومن جحدها كان عندي من الكافرين . يا محمّد لو أنّ عبداً من عبادي عَبَدَني ، حتى ينقطع أو يصير كالشنّ البالي ، ثمّ أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتى يقرّ بولايتكم . يا محمّد أتحبّ أن تراهم ؟ قلت : نعم يا ربّ . فقال لي : التفت عن يمين العرش ، فالتفتّ فإذا بعليّ ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، وعلي بن الحسين ، ومحمّد بن عليّ ، وجعفر بن محمّد ، وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ، ومحمّد بن عليّ ، وعليّ بن محمّد ، والحسن بن عليّ ، والمهدي ، في ضحضاح من نور قيام يصلّون ، وهو في وسطهم - يعني المهدي - كأنّه كوكب درّي . وقال : يا محمّد ، هؤلاء الحجج ، وهو الثائر من عترتك ، وعزّتي وجلالي ، انّه الحجّة الواجبة لأوليائي ، والمنتقم من أعدائي . ( مقتل الحسين للخوارزمي 1 : 96 . فرائد السمطين 2 : 319 ، ح 571 . ينابيع المودّة 3 : 380 ) . وقد روي من طرق أهل السنّة في هذا المعنى أكثر من ستّين حديثاً ، كلّها تشتمل على ذكر الخلفاء الاثني عشر . ( أُنظر : سنن أبي داود 4 : 106 ، ح 4279 ، 4280 . مسند أحمد 1 : 657 ، ح 3772 ، و 6 : 89 ، ح 20290 ، و 93 ، ح 20319 ، و 95 ، ح 20327 . فرائد السمطين 2 : 147 ، ح 442 - 445 . تاريخ بغداد 14 : 353 ، ح 7673 . مستدرك الحاكم 3 : 716 ، ح 6589 . مصابيح السنّة 4 : 137 ، ح 4680 . ينابيع المودّة 3 : 289 - 292 . وفي بعضها ذكر أسمائهم ( انظر : فرائد السمطين 2 : 319 ح 571 و 572 ، و ص 136 ، ح 432 - 435 . ينابيع المودّة 3 : 282 - 284 ) . وروى الحمويني عن أبي طالب أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال له : « يا عمّ ، يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ، ثمّ يكون أُمور كثيرة وشدّة عظيمة ، ثمّ يخرج المهدي من ولدي يصلح الله أمره في ليلة فيملأ الأرض عدلا كما مُلئت جوراً » . ( فرائد السمطين 2 : 329 ، ح 579 ) . إلى غير ذلك من الأخبار المنقولة في كتبهم على هذا النحو ( سنن الترمذي 4 : 438 ، ح 2230 . سنن أبي داود 4 : 106 ، كتاب المهدي ، ح 4279 - 4290 . سنن ابن ماجة 2 : 1366 - 1367 ، ح 4082 - 4085 . ينابيع المودّة 3 : 291 ، 296 . مجمع الزوائد 7 : 317 ) . ولا يراد بالخلفاء أرباب السلطنة والدولة ؛ لزيادة عددهم على ما ذكره النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحياناً وقلتهم أُخرى ، خصوصاً وأنّه يظهر من بعضها أنّ آخرهم متّصل بآخر الزمان ، وفي بعضها الآخر أنّ آخرهم المهدي . وثبوت الخلافة لا يتوقّف على بسط اليد ، كما أنّ النبوّة والرسالة كذلك . ونقل العلاّمة عن السدي في تفسيره - وهو من علماء الجمهور وثقاتهم - قال : لمّا كرهت سارة مكان هاجر ، أوحى الله تعالى إلى إبراهيم أن انطلق بإسماعيل وأُمّه ، حتى تنزله بيت النبي التهاميّ ، فإنّي ناشر ذرّيتك وجاعلهم ثقلا على من كفر ، وجاعل من ذريته اثنى عشر عظيماً . ( نهج الحقّ : 230 . الطرائف : 172 ح 269 ، البحار 36 : 214 ، ح 16 . إحقاق الحقّ 7 : 478 ) . وروى الطبرسي عن ابن عبّاس قال : سألت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين حضرته وفاته ، فقلت : إذا كان ما نعوذ بالله تعالى منه فإلى من ؟ فأشار إلى عليّ ، وقال : « إلى هذا ، فإنّه مع الحقّ والحقّ معه ، ثمّ يكون من بعده أحد عشر إماماً مفترضة طاعتهم كطاعته » ( إعلام الورى 2 : 164 . بحار الأنوار 36 : 300 ، ح 136 ) . وفي المرفوع عن عائشة إنها سُئلت : كم خليفة يكون لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقالت : أخبرني أنّه يكون من بعده اثنا عشر خليفة ، قال ، فقلت لها : من هم ؟ فقالت : أسماؤهم مكتوبة عندي بإملاء النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فقلت لها : فأعرضيه ، فأبت . ( إعلام الورى 2 : 164 . كفاية الأثر : 190 . بحار الأنوار 36 : 300 ، ح 137 . ب - ما دلّ على ثبوت إمامة الاثني عشر بشكل غير مباشر ، كما نقل عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : « إنّ عدّة الخلفاء بعدي عدّة نقباء موسى » وكانوا اثني عشر . ( أُنظر : مستدرك الحاكم 4 : 546 ، ح 8529 . ينابيع المودّة 2 : 315 . كنز العمال 12 : 33 ، ح 33857 - 33859 ) . وعنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بطريق مسروق ، عن ابن مسعود في الخلفاء وعددهم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « إنّ عددهم اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل » . ( مسند أحمد 1 : 657 ، ح 3772 ، و 671 ، ح 3849 . مجمع الزوائد 5 : 190 بتفاوت . مستدرك الحاكم 4 : 546 ، ح 8529 . ينابيع المودّة 2 : 315 ) . وروى الزمخشري بإسناده أنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : « فاطمة ثمرة فؤادي ، وبعلها نور بصري ، والأئمة من ولدها أُمناء ربّي ، وحبل ممدود بينه وبين خلقه ، من اعتصم بهم نجى ، ومن تخلّف عنهم هوى » ( المناقب للزمخشري ( مخطوط ) ، وأورده في مقتل الحسين للخوارزمي 1 : 59 . فرائد السمطين 2 : 66 ، ح 390 . ينابيع المودّة 1 : 243 ) . 2 - وأمّا روايات الإمامية فقد نقل الشيخ الحرّ العاملي الكثير من النصوص العامّة على إمامة الأئمة ( عليهم السلام ) من طرقنا في إثبات الهداة 1 : 433 - 675 ، كما نقل من طرق أهل السنّة روايات عديدة ( انظر : اثبات الهداة 1 : 675 - 751 ) .