ومن الجدير بالتنويه أنّ كلتا هاتين الموسوعتين قد اعتمدتا منهج المقارنة بين المذاهب الفقهية الإسلامية المعروفة ومن بينها الفقه الشيعي الإمامي ، غير أنّه من الملاحظ أنّ عرض أحكام ونظريات هذا الفقه قد جاء في كلتا الموسوعتين بشكل لا يعكس حقيقته ولا يناسب ما له من مكانة وأهمية ، ولعلّ عذر القائمين على إصدار الموسوعتين المذكورتين أنّهم ليسوا من أهل الاختصاص والخبرة بهذا الفقه ، ولم يتيسّر لهم الاطلاع على مصادره ومراجعه كاملةً ، ولم يستعينوا بالمراكز العلمية الشيعيّة لإسعافهم في ذلك . وفي سنة 1967 م تبنّت الحكومة الكويتيّة مشروع إصدار موسوعة فقهية جديدة ، وبعد سنوات من التريّث والتحضير صدر أول أجزاء هذه الموسوعة ، وبلغ ما صدر منها إلى الآن ما يقرب من الأربعين مجلّداً . ورغم ما تتميز به الموسوعة الكويتية من نضج منهجي بالقياس إلى الموسوعتين السابقتين ؛ فإنّها قد انفردت عنهما - وللأسف - بتجاهلها المطلق لفقه أهل البيت ( عليهم السلام ) حيث لم ترد فيها أيّة إشارة إلى هذا الفقه ، لا إلى نظرياته ، ولا إلى آراء فقهائه ، ولم يوضع في عداد بقية المذاهب الاسلامية الأُخرى . 5 - تطلّعات الفقه الإمامي إلى موسوعة جامعة : يمتاز فقه الإمامية بعدّة امتيازات يمكن الإشارة إلى بعضها : منها : أصالته وعراقته ؛ فإنّه ضارب بجرانه في أعماق التأريخ الاسلامي ، وتعود جذوره إلى الصدر الأوّل وقبل ولادة المذاهب الأُخرى ؛ حيث يتصل في امتداده بالنبع الصافي والمصدر الأمين الذي اصطفاه الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأُمّته ، وهم الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) الذين وصفوا بكونهم أعدال الكتاب ، والذين أخذوا العلم عن جدّهم كابراً عن كابر وأباً عن جدّ . ومنها : اتّساعه وامتداده حيث ترى المكتبة الفقهية الشيعية حافلة بالمصنّفات النفيسة التي أُلّفت طوال قرون ، حتى إنك لتجد الفقيه الواحد قد ترك عشرات المؤلّفات كالشيخ الطوسي والعلاّمة الحلّي والشهيدين الأوّل والثاني .