[ 5 ] التصحيح والاعتدال : ويبدأ هذا الدور بالتصدي للاتجاه الاخباري المتطرّف من قبل عدّة من الفقهاء ذوي النباهة وحرية الفكر وعمقه وأصالته كالسيد حسين بن جمال الدين الخوانساري الكبير [ ت = 1098 ه ] ومعاصره الشيخ محمّد بن الحسن الشرواني [ ت = 1098 ه ] وابنه جمال الدين [ ت = 1125 ه ] وتلميذ ولده صدر الدين بن محمّد باقر الرضوي القمي [ ت = 1160 ه ] الذين مهّدوا لظهور المدرسة الأُصولية المعمّقة والأصيلة على يد الفقيه والمحقق الكبير السيد محمّد باقر بن محمّد أكمل المعروف بالوحيد البهبهاني [ ت = 1205 ه ] في أواخر القرن الثاني عشر الهجري ، والذي استطاع أن يقضي على الاتجاه الاخباري ، ويعيد المؤسسة الفقهية الإمامية إلى حركتها الأُصولية السويّة ومسيرتها الصحيحة بعد صراع مرير بين اتجاهين متطرّفين دام قرابة قرنين من الزمن . وقد قام هذا الفقيه بمواجهة كلا الاتجاهين وتصحيح عملية الاجتهاد في الفقه الإمامي عمّا لحقت بها من شبهات وانحرافات نتيجة التطرّف المشار إليه في كل من الاتجاهين المتقدّمين . فمن ناحية استطاع أن يدافع بقوّة ومتانة عن آراء المشهور من فقهائنا المتقدّمين الذين ناقش آراءهم المحقّق الأردبيلي [ ت = 993 ه ] ، فأوضح بطلان جملة من تلك النقود وعدم صحتها من الناحية العلمية . كما انّه عالج مشكلة توثيق الأسانيد والرواة في تعليقته على الرجال الكبير ، وهو منهج المقال ؛ للأسترآبادي ت = 1028 ه ، وهي عبارة عن شرح لطيف مفيد نافع مبدوء بفوائد خمس رجالية ، وإليه يرجع العلماء حتى اليوم ، وبهذا دفع التطرّف الذي سار عليه أصحاب الاتجاه الأوّل . ومن ناحية أُخرى - وهي الأساسية في حياته - صمّم بكل عزيمة واصرار على مواجهة الاتجاه الاخباري وما أثاره من الغبار والجدال بوجه أُصول الفقه الإمامي . فقد وضّح هذا العَلَم معنى