[ 2 ] دور الانطلاق : ويبدأ هذا الدور بعهد الشيخ الطوسي ( قدس سره ) [ ت = 460 ه ] أي من أوائل القرن الخامس الهجري إلى عهد المحقق الحلّي صاحب كتاب شرائع الإسلام [ ت = 676 ه ] أي منتصف القرن السابع الهجري . ومن أعلام هذا الدور : الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي [ ت = 460 ه ] ، ومحمّد بن علي بن أبي حمزة العلوي [ ت = 570 ه ] ، والقاضي عبد العزيز بن البرّاج الطرابلسي [ ت = 481 ه ] ، وحمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي [ ت = 585 ه ] ، وقطب الدين الراوندي [ ت = 573 ه ] ، والشيخ محمّد بن إدريس الحلّي [ ت = 598 ه ] ، وغيرهم . وقد انطلق الفقه الاجتهادي الإمامي على يد الشيخ الطوسي ( قدس سره ) [ ت = 460 ه ] في هذا الدور حيث استطاع بما أُوتي من نبوغ وعبقرية وعلم أن يطوي بالفقه بل بعلوم الشريعة كلّها مراحل عظيمة ويخطو بها خطوات كبيرة إلى الأمام ، وأن يؤسّس جامعة علوم الشيعة ومعارفها ، فكان ( رحمه الله ) بحق انطلاقة الحياة العلمية والفقهية الشيعيّة في حركتها وروحانيتها ، وفي أصالتها وعمقها ، وفي بعدها وشمولها ، وكان الكلمة الأُولى في إندفاعتها الرسالية والحجر الأساس في مختلف الأصعدة الثقافية والاجتماعية ، وكان بحقّ إمامها المفكّر وزعيمها الأوحد في ذلك العصر ، وقد كانت هذه من نتائج خبرته التي استفادها من معاصرته لزعامة شيخه المفيد [ ت = 413 ه ] والسيد المرتضى ( قدس سرهما ) [ ت = 436 ه ] . وقد صنّف في أكثر علوم الشريعة ومعارفها مؤلّفات فريدة من نوعها لا تزال خالدة في تاريخ العلم كما قام بتطوير المناهج وطرائق البحث والدراسة فيها وتربية الفقهاء عليها ، وقد تربّى تحت منبر درسه في بغداد والنجف أجيال من الفقهاء والمتكلّمين والمفسرين ، وقد كانت آراؤه ونظرياته رائدة في الحواضر العلمية ومسيطرة عليها أكثر من قرن ، وكان الفقهاء من بعده لا يجرأون مخالفة طريقته ومنهجه وآرائه لشدة تعظيمهم وتقديسهم لنظره والاعتقاد بتفوقه وغزارة علمه وإشرافه على مصادر الشريعة وفنون الكلام والاستدلال . وقد كان لاتصاله بشيوخه في الحديث والفقه من العصر الذي كان قبله وأخذه للأحاديث والروايات عن الكتب والأُصول