الشرط الثالث - التجفيف : وفي اشتراط التجفيف وعدمه قولان : القول الأوّل : الاشتراط ، واختاره الصدوقان [1] والمفيد [2] والمحدّث البحراني [3] ، ولعلّ المستند في ذلك ما ورد في الفقه المنسوب للإمام الرضا ( عليه السلام ) : « وإن ولغ كلب [ في الماء ] أو شرب منه أهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرّات : مرّة بالتراب ومرّتين بالماء ، ثمّ يجفّف » [4] وبه يخرج عن الأصل ، ويقيّد به إطلاق النصّ . ويرد عليه : أوّلا : أنّه لم يثبت صحة نسبة هذا الكتاب إلى مولانا أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، فلم يثبت كونه رواية فضلا عن أن تكون معتبرة . ثانياً : إنّ الأمر بالتجفيف فيه إنّما جرى مجرى الغالب من أنّ الأواني بعد الغسل والتطهير تجفَّف ، فهو أمر إرشادي ، وليس شرطاً في التطهير [1] . القول الثاني : عدم الاشتراط ، وهو المشهور [2] ، وصرّح به عدّة من فقهائنا [3] . ويدلّ عليه : إطلاق أدلّة التطهير كالصحيحة الواردة في تطهير آنية الولوغ ؛ فإنّ مفاد أدلّة التطهير حصول الطهارة بعد الغسل بالكيفية المذكورة فيها سواء جفَّ أم لا ، وهذا واضح .
[1] قال الشيخ الصدوق في ( المقنع : 37 ) : « فإن وقع كلب في إناء أو شرب منه أُهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرّات : مرّة بالتراب ومرّتين بالماء ، ثمّ يجفّف » . قال المحدث البحراني ( الحدائق الناضرة 5 : 483 - 484 ) : « قد ذكر جملة من المتأخّرين ومتأخريهم ما صرح به الصدوقان والمفيد من الحكم بالتجفيف . واعترضوه بأنّه منفي بالأصل والنصّ ؛ فإنّ ظاهره الاكتفاء بمضمونه . . . » . [2] قال الشيخ المفيد ( المقنعة : 65 ) : « وإذا ولغ الكلب في الإناء وجب أن يهراق ما فيه ، ويغسل ثلاث مرّات : مرّتين منها بالماء ومرّة بالتراب تكون في أوسط الغسلات الثلاث ، ثمّ يجفّف ، ويستعمل » . [3] الحدائق الناضرة 5 : 483 - 484 . [4] الفقه الرضوي : 93 ، وفيه : « وإن وقع » . [1] انظر : التنقيح في شرح العروة ( الطهارة ) 3 : 52 . [2] انظر : التنقيح في شرح العروة ( الطهارة ) 3 : 52 . [3] المعتبر 1 : 458 . المنتهى 3 : 337 . الذكرى 1 : 126 . جامع المقاصد 1 : 190 . المدارك 2 : 391 . مصباح الفقيه 8 : 405 .