وإليك تفصيل البحث : أ - استعمال المفضّض في الأكل والشرب [1] : المشهور جواز استعمال الإناء المفضّض في الأكل والشرب من غير موضع الفضّة وحرمته من موضعها ، ونسب القول بالحرمة مطلقاً إلى الشيخ الطوسي في الخلاف ، حيث سوّى بينها وبين أواني الذهب والفضّة في الكراهة التي صرّح غير واحد بإرادته الحرمة منها هناك . ويمكن حمله على إرادته القدر المشترك بين الحرمة والكراهة في آنية الذهب والفضّة والمفضّضة ، وأنّ الشيخ إنّما عبّر بذلك تبعاً لما في الروايات . وعليه ، فلم يبق إلاّ القول بالجواز ، والكراهة التي صرّح بها عامّة المتأخّرين ومتأخّريهم ، والأمر فيهما هيّن ، ولعلّ من عبّر بالجواز لأجل نفي الحرمة ، لا نفي الكراهة ، ومن هنا يتّضح الوجه لما ذكره المحقق النجفي : من أنّ الحكم بالكراهة هو المشهور نقلا وتحصيلا ، بل قال : « لا أجد فيه خلافاً » ، وإنّما الخلاف في وجوب عزل الفم عن موضع الفضّة وعدمه . واستدلّ للجواز بما يلي : 1 - أصالة البراءة ، بعد فرض عدم شمول الروايات الناهية لغير المصوغ من الذهب والفضّة . 2 - الروايات ، منها : أ - ما رواه الجمهور عن أنس قال : إنّ قدح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انكسر ، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضّة [1] . ب - خبر معاوية بن وهب قال : « سئل أبو عبد الله ( عليه السلام ) عن الشرب في القدح فيه ضبّة من فضّة ؟ قال : لا بأس ، إلاّ أن تكره الفضّة فتنزعها » [2] . ج - خبر عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : « لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضّض . واعزل فمك عن موضع الفضّة » [3] .
[1] إنّ الفقهاء وإن عبّروا بالشرب إلاّ أنّ الظاهر أنّ مرادهم من هذا العنوان ما يشمل الأكل أيضاً ( انظر : المسالك 1 : 132 ) . [1] صحيح البخاري 3 : 1131 ، ح 2942 . [2] الوسائل 3 : 510 ، ب 66 من النجاسات ، ح 4 . [3] الوسائل 3 : 510 ، ب 66 من النجاسات ، ح 5 .