وبما أنّ قوّة الاستدلال وبالتالي متانة الفتوى المبتني عليه لا يمكن إحرازها إلاّ بعد مناقشة ما يرد على الاستدلال من ردود وإشكالات ، فقد أشرنا إلى بعض المناقشات على سبيل الاختصار غالباً تاركين الاشكالات الجانبيّة أو الخارجة عن مسؤولية الفقه ، فربّ مناقشة ترتبط بمبنى أُصولي أو كلامي أو رجالي ففي مثل هذه الحالات لم نلج الدوائر العلمية الأُخرى ، وإنّما نكتفي بالإشارة والارجاع . والموضوعية التي اعتمدناها في عرض الاتجاهات لم نغفلها عند بيان الأدلّة ، بل القاعدة الأوّلية هي عرض الأدلّة التي استدلّ بها الفقهاء ، لا الأدلّة التبرّعية ، إلاّ إذا واجهتنا نقاط فراغ فيقتضي الموقف بيان التوجيه الفنّي بعبارة ( يمكن أن يستدلّ ) وشبهها حفظاً للأمانة العلمية وفراراً من حالات التدليس . ثالثاً - تنظيم البحوث : إنّ من جملة الحقائق التي لا يصحّ السكوت عليها أنّ الطريقة المألوفة التي سارت عليها البحوث والدراسات الفقهية حتى المعاصرة منها تختلف عن المنهج الأكاديمي من ناحية فرز المعلومة ، ومن ناحية نظم المطالب وترتيبها منطقياً ، ومن ناحية تسمية المسائل وعنونتها ، فقد نواجه التداخل في بحث المسائل ، والاستطرادات ، وغير ذلك . وهذا ما يدعو إلى ضرورة تنسيق المطالب الفقهية ضمن سياق معيّن ، وهذا ما اصطلحنا عليه ب ( خارطة البحث ) ؛ حيث يتم وضعها استناداً إلى بعض الأُسس ومراعاة لبعض الجهات ، منها : أ - الفصل بين المباحث التصورية والتصديقية ، كما ألمحنا لذلك . ب - تشخيص المطالب الكلية ، وما تنطوي تحتها من التطبيقات واللواحق . ج - مراعاة النظم والترتيب بين عنوان كل فقرة وما يسبقه وما يلحقه . وعملية التنسيق هذه يلحظ فيها ما يقتضيه الذوق المنطقي ، وما يقتضيه الذوق الفقهي ، بل حتى العرفي أحياناً ، فربما نجد سياقاً ونظماً صحيحاً من الناحية المنطقية إلاّ انّه ليس مناسباً مع الذوق الفقهي وأدبياته .