مع عدم قصد المعنى لا يجتمعان ، فإن قصده كذلك الذي هو : عبارة عن استعماله في المعنى ملازم لقصد المعنى منه . نعم ، قصد اللفظ موضوعيا كمن يتكلم تقليدا أو غير عالم بالمعنى لا يلازم قصد المعنى . الثاني : أن يكون الداعي على الاستعمال بعد قصد اللفظ وقوع المدلول في الخارج ، فعقد الهازل لا أثر له ، لأنه وإن قصد المعنى بتوسط قصده اللفظ إلا أنه غير قاصد لوقوع المدلول في الخارج ، أي لم يقصد من قوله : ( بعت ) إيجاد المادة بالهيئة خارجا ، بل قصد صورة وهزلا . ويعتبر في نفوذ العقد ومضيه شرط ثالث ، وهو أن يكون إرادة الفعل ناشئة عن طيب النفس ، أي يكون الموجب لإرادة الفعل والداعي لها الذي هو بمنزلة العلة للإرادة وإن لم تكن علة ، وإلا لزم القول بالجبر كما برهن في محله طيب نفسه ، لا إكراه المكره ، فإن المكره - بالفتح - وإن كان قاصدا للفظ وقاصدا لوقوع مدلوله في الخارج أيضا إلا أن هذا اللفظ نشأ عن غير رضا منه ، فلو كان هذا القصد أيضا ناشئا عن الرضا خرج عن عنوان الاكراه ولو انتهى إلى غير الرضا . كما أنه لو كان أصل صدور الفعل عن غير اختيار فهو أيضا خارج عن عنوان الاكراه . وبعبارة واضحة : هنا أمور ثلاثة ، اثنان منها خارج عن عنوان الاكراه ، والإكراه متوسط بينهما : الأول : ما إذا صدر الفعل عن غير إرادة ، كمن وجر في حلقه مفطر ، أو كتف وألقي في السفينة . والثاني : ما إذا صدر الفعل عن إرادة ونشأت هذه الإرادة عن داع نفساني ، إلا أن الداعي على هذا الداعي غير الرضا والاختيار ، كمن كان جائعا فباع ثوبه ليشتري بثمنه خبزا بحيث لو لم يكن مضطرا لما باعه ، والمكره واسطة بين هذين الشخصين فإنه مختار في الفعل ، إلا أن هذا الاختيار نشأ عن غير اختيار . وأما